“موريتانيا بدون متسول”.. شعار هيئة حكومية تابعة لوزارة الداخلية واللامركزية أنشئت في أواخر سنة 2018.
تأخذ هذه الهيئة على عاتقها معالجة ظاهرة التسول، وتقوم أحيانًا بتوزيع مبالغ مالية على المحتاجين تصل إلى 20 مليون أوقية في السنة.
لكن التجول في نواكشوط، يكفي لإدراك أن هذه الهيئة فشلت في مهمتها، حيث تحتل جحافل المتسولين التقاطعات الطرقية والمساجد ومداخل المحلات التجارية.
ولا يبدو أن هذه المظاهر تزعج السلطة، ولذلك أكد المتسولون لموقع تحديث، أنهم في الغالب لا يتعرضون لأي مضايقات من الشرطة أوالبلدية.
يروي المتسول آداما أنه يتنقل بين ملتقيات الطرق في الأحياء الراقية، ويوكد أنه لم يجد مضايقة من قبل أطراف الشرطة أبدا وأنهم لم يأخذوا منه ضريبة قط.
قصص وأرقام
متسول آخر يتخذ من” وقفة سانتر أميتير” مقرا دائما لنشاطه، يقول إنه لم يتعرض لمضايقة من عناصر الشرطة، لكنه أصبح يتحاشى التسول أمامهم بسبب ما سمعه من شائعات عن جبايتهم مبالغ غير قانونية من المتسولين.
ويتواجد المتسولون عند ملتقيات الطرق والنقاط الاستراتيجية طوال الوقت، ويرفضون الكشف عن حجم دخلهم اليومي، وغالبا ما يقدمون أرقاما تحمل مغالطات.
يقول عثمان إن دخله اليومي من التسول لا يتجاوز1000 أوقية قديمة في أفضل حالاته، مع استثناء بعض المواقف التي يحصل فيها على مبلغ معتبر من قبل فاعلي الخير الذين يمرون عليه.
ويتراوح دخل خديجة يوميا ما بين 500 و1000/ تصرف منها يوميا أكثر من 400 أوقية على التنقل، وفق روايتها.
يتوافق هذا مع أغلب التصريحات التي حصلنا عليها من المتسولين في نقاط مختلفة كملتقى جامبور ومدريد و SNDE.
أما لحبيب ولد محمود – وهو رجل استغنت إدارة الميناء عنه لعدم قدرته على مزاولة عمله- فيروي أنه يطرق أبواب الأغنياء وفاعلي الخيرـ لعله يحصل على مساعدة مالية معتبرة تسد رمقه.
لكنه اشتكى لموقع تحديث من مضايقة مالكي سيارات الأجرة وأصحاب الحوانيت الصغيرة الذين يتسولون معهم بشكل شبه يومي، مردفا أنهم لا يحاولون حتى التنكر في هيئة المحتاج بل يُوقفون سياراتهم، وينتظرون مع المتسولين.
تشويه المحظرة والمسجد
أما أسامة -وهو صاحب دكان في الزعتر- فيلفت إلى أن صبية يترددون عليه وعلى المتاجر المجاورة له بشكل يومي كل صباح، ويدعون أنهم طلاب محاظر وبحاجة للمساعدة.
ولا يستبعد أسامة أن هؤلاء الأطفال يتم توجيههم من قبل شيوخهم لتحصيل مبلغ معين كل يوم.
وقد أصبحت صلاة الجمعة قبلة لكثير من المتسولين المحتاجين وغير المحتاجين، لكن ما يثير الاستغراب أن أكثريتهم نساء.
من أمام مسجد الشيخ الددو ، تؤكد فاطمة بنت المختار أن العوز وضعف الحيلة هو ما يجبرها وزميلاتها على التسول أمام بيوت الله.
توضح فاطمة أنها تعيل صبية صغارا، وأن دخلها من بيع النعناع في مسجد المغرب لا يكفي لتوفير لقمة العيش لههم.
وترتحل فاطمة من دار السلام كل جمعة تناشد المصلين عساها تجد ما يساعدها في معيشة أطفالها، على حد قولها.
كذلك، قالت عائشة إنه لم يدفعها إلى التسول سوى حاجتها لعلاج طفلتها من الحروق، وقالت إنها حاولت الحصول على معونة من مندوبية تآزر مرات عديدة ولكن دون نتيجة.
فأين الجهد الحكومي لسد حاجة الناس والقضاء على ظاهرة التسول ؟
لا توجد أعداد رسمية عن عدد المتسولين في العاصمة نواكشوط ناهيك عن ولايات الداخل الأخرى، والمؤكد أن عددهم يرتفع يوما بعد يوم.
ويستغرب كثيرون، من اتساع ظاهرة التسول في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة عن تخصيص مئات المليارات للطبقات الهشة عبر مندوبية تآزر.
وفور وصوله للسلطة، رفع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الميزانية المخصصة لمكافحة الفقر والإقصاء من 7 مليارات سنويا إلى أزيد من 50 مليار سنويا، وهو ما يصل إلى 500 مليار خلال مأموريتيه الأولى والثانية.
ولكن أعداد المتسولين تتزايد بشكل كبير في مختلف المدن، فيما يشتكي غالبية الناس من العطش وتردي مختلف الخدمات.
وإلى جانب تآزر، توجد في موريتانيا العديد من الهيئات الخيرية التي تتلقى دعما من الداخل والخارج.