
حين نتحدث عن إيران، فإننا نتحدث عن دولة عريقة ذات جذور حضارية ضاربة في عمق التاريخ، وذات حضور سياسي لا يمكن تجاهله في قضايا الأمة، خاصة فيما يتعلق بالمقاومة والجهاد.
إيران، التي كانت تُعرف تاريخيًا ببلاد فارس، لعبت أدوارًا كبرى على مرّ العصور، ومرّت بتحولات هائلة من الملكية إلى الجمهورية الإسلامية بعد الثورة الكبرى عام 1979 بقيادة الإمام الخميني، والتي غيّرت ملامح الدولة داخليًا وخارجيًا.
منذ ذلك الحين، أصبحت إيران دولة تعلن مواقفها بوضوح، خاصة في ما تسميه “نصرة المستضعفين” والوقوف في وجه الاستكبار العالمي . هذا الشعار لم يكن مجرد كلام، بل انعكس ميدانيًا وسياسيًا من خلال دعم حركات الجهاد والمقاومة في عدة بلدان عربية.
في فلسطين . وقفت إيران مع قوى المقاومة منذ الأيام الأولى، وقدمت الدعم السياسي والمادي لحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” وشهدت هذه العلاقة اعترافًا متبادلًا من الطرفين، خاصة حين اشتد الحصار والمعارك، وكانت إيران من أوائل الداعمين.
أما في لبنان فقد كان دعمها واضحًا لـ حزب الله. الذي بات اليوم أحد أهم رموز المقاومة في العالم العربي، وقد ساهم بشكل مباشر في تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000، وهو إنجاز لا يُمكن إغفاله.
وفي سوريا كان موقف إيران داعمًا للنظام بحجة الحفاظ على خط المقاومة، وهو ما يراه البعض موقفًا استراتيجيًا لضمان بقاء محور يمتد من طهران إلى بيروت، عبر بغداد ودمشق.
ما يميز الموقف الإيراني ليس فقط الدعم السياسي، بل أيضًا تقديم السلاح والخبرة والتخطيط، انطلاقًا من قناعة بأن مواجهة الاحتلال هي واجب ديني، وأن الجهاد لا يُمكن أن يُفصل عن العمل السياسي.
ثقافيًا، لا يمكن تجاهل أن إيران تمتلك رصيدًا هائلًا في الشعر والأدب والفكر، ولها تأثير واسع في الفكر الإسلامي الحديث، وإن كانت بعض مواقفها الدينية والمذهبية تثير جدلًا واسعًا في العالم الإسلامي.
لكن رغم الخلافات، تبقى الحقيقة أن إيران دعمت مجاهدين وقاومت احتلالًا، ورفضت كل أشكال التطبيع، ووقفت مواقف تُحسب لها في محطات كثيرة.
لذلك حين نتحدث عن إيران، فنحن لا نُجامل ولا نُهاجم، بل نُحاول أن نفهم هذا الدور المركّب في سياقه التاريخي والسياسي، وأن نُقدّر المواقف التي تتقاطع مع قضايا أمتنا، وعلى رأسها قضية فلسطين والجهاد في سبيل الله