بينما تعلن الحكومة يوميا عن تدشين المشاريع الضخمة وضخ المليارات في برامج التضامن الاجتماعي، يتلقى الناس في الخارج إيميلات من المنظمات الدولية تخبرهم أن الجوع في موريتانيا وصل مستويات حرجة وتطلب منهم التبرع لحفظ حياة الفقراء.
في وقت سابق من هذا العام، تباهي المندوب العام لتآزر الشيخ ولد بد بأن الدولة خصصت لمشاريع مكافحة الإقصاء والفقر 50 مليار أوقية قديمة سنويا، متحدثا عن إدراج 307 آلاف أسرة في السجل الاجتماعي.
وحينها أضاف المندوب أن هذا الإنفاق “هو خير دليل على الأولوية الكبيرة التي يوليها رئيس الجمهورية للطبقات الهشة”.
لكن الحال لا تبدو مطابقة لإعلان عريض على موقع منظمة actionagainsthunger، الذي يطالب زواره بالتبرع للجوعى في موريتانيا انطلاقا من أرقام رسمية تستقيها المنظمات الدولية من الحكومة.
تقول المنظمة إن موريتانيا تواجه تحديات كبيرة، حيث وصل سوء التغذية إلى مستويات حرجة، “ويعاني أكثر من 8% من السكان من انعدام الأمن الغذائي. ولا يزال الصرف الصحي مصدر قلق على مستوى البلاد، مما أدى إلى تفاقم التحديات الصحية والتغذوية”.
أيضا تضيف المنظمة أن الاحتياجات الإنسانية في المناطق الجنوبية والشرقية تزداد سوء بشكل مطرد بسبب الأزمات البيئية والصحية والأمنية، وتدفق اللاجئين الماليين.
سوء التغذية الحاد
أما برنامج الأغذية العالمي فيتحدث عن مخاطر تواجه 365,000 إنسان يعاني أكثر من 13% منهم من سوء التغذية الحاد.
ويؤكد البرنامج ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، لا سيما في المناطق الريفية حيث يعيش 70% من السكان.
“ويقود برنامج الأغذية العالمي، بالتعاون مع حكومة موريتانيا وشركائها، جهود بناء القدرة على الصمود، مثل برنامج المساعدات الغذائية مقابل الأصول وأنشطة الوجبات المدرسية”.
ولعل الأكثر قسوة هو تأكيد البرنامج على أنه يقدم وجبات مدرسية، لضمان عدم انقطاع الأطفال عن الدراسة بسبب الجوع أو الحاجة إلى العمل لإعالة أسرهم.
وقد تناقلت صفحات في وسائل التواصل الأحد، معلومات تفيد أن الحكومة أخطرت الجهات المانحة بأن الجوع يهدد 600 ألف موريتاني.
مفارقة الثراء والتسول
واستغرب نشطاء ومواطنون عاديون من تباين حديث الحكومة للخارج، وإعلانها عن المشاريع الكبيرة في الداخل.
أيضا، وجد آخرون هذه التطورات فرصة للحديث عن المفارقة بين الثراء الفاحش في بعض أحياء العاصمة، وبين الفقر والجوع الذي يضرب بأطنابه مساحات كبيرة من الوطن.
وتساءل الناشط محمد أحمد سالم اتويف: ما هي دلالة أن تفرغ زينة تكتظ بسيارات V6 والقطع الأرضية التي يصل سعرها مليون دولار، في الوقت الذي وزير ماليتنا يتسول ويستعطف العالم للحصول على الصدقات.
وذهبت التعليقات إلى أن الثراء الظاهر على الأوساط المقربة من السلطة، مصدره المال العام، وأن السلطة التي تمكن المقربين منها من نهب أموال الفقراء، تتسول العالم باسم الجوعى في نفس الوقت.
وعلق صلاح الدين سيدي محمد بالقول إنه ليس منطقيا أن تطلب الحكومة الموريتانية الصدقات من العالم، في وقت القطع الأرضية أغلى في نواكشوط منها في باريس والسيدات يمتطين سيارات الدفع الرباعي، والمراهقون يلعبون بسيارات غير متوفرة لأمراء الخليج، حسب تعبيره.
“الفكر السياسي المنحط”