تحدث علنا في نواكشوط.. قصص الشاي والمشوي في نهار رمضان
آخر تحديث: 09/03/2025 - 3:05 ص
2 دقائق
في الزاوية الجنوبية من سوق نقطة ساخنة للهواتف بوسط نواكشوط، بدا محمد -وهو صاحب محل لبيع “المشوي”- مرتبكا قليلا، عندما تحدثنا معه حول ظاهرة المجاهرة بالفطر في نهار رمضان.
وهذا الارتباك سببه اضطراب أفكاره حول العدد الذي ينبغي أن يذبحه من الأغنام، كون زبائنه يبدأون في التقلص مع حلول الشهر الكريم، ويخشى أن لا يبيع كل لحمه.
لقد سمع محمد كثيرا عن حرمة الشهر وأدبياته، ولكن ما يؤرقه في الحقيقة هو تناقص الزبناء نهارا خلال شهر رمضان، مما يؤثر على دخله اليومي.
يقول الرجل إنه يستنكر الأكل أو الشرب أمام الصائمين، وهو ما جعله يوارب باب المحل “خوفًا من الضرر النفسي على الصائمين”.
وفي داخل المحل سألنا بعض زبائن المشوي حول أسباب عدم صيامهم وما المانع، لكن رفضوا التحدث معنا.
أما زميل محمد في المهنة الذي رفض الإفصاح عن اسمه، فيقول بينما يعد “صحنا من الكبدة” لأحد الزبناء، إنه مع مرور أيام من الشهر الكريم، يبدأ الزبناء في الإقبال على شراء المشوي.
احتساء الشاي في السوق
وغير بعيد كان الشيخ الحضرامي يحتسي كأسًا من الشاي قرب بائع شاي في السوق.
يقول الحضرامي إنه يعاني من مرض “السكري”، وهو ما جعله لا يستطيع الصوم.
ووفق معلوماته، فإن هذا المرض يصيب أكثر من 20% من سكان موريتانيا وأصبح عائقًا بل وحجة لدى الكثير من الموريتانيين في هذا الشهر.
أما عن ظاهرة احتساء الشاي أمام الصائمين، فيقول “الحضرامي” إنها ظاهرة منبوذة في بلد مسلم، وهو شخصيًا لا يحبذها، لكن ازدحام السوق بالناس يجعله مجبرًا على احتساء الشاي هنا.
ويتدخل زميله محمد الأمين قائلاً: “إن الإفطار العلني خير من ظاهرة أكثر خطورة وهي التي تتمثل حسب قوله في ‘حياة في الليل؛ وموت في النهار’، وهي منهجية يقضي بها العديد من الشباب الموريتانيين رمضان.”
حرقة المعدة
وإلى جانب السكري يترخص العديد من الموريتانيين في الإفطار لإصابتهم بالمجبنة (حرقة المعدة) أو لوجود تاريخ مرضي في عوائلهم.
ويروي عبد الله ولد أعل أن أسرة من معارفه لا يصوم منها أحد ولدى كل منهم عذر يره مبررا للإفطار. ومن دون أن يشكك في تدينهم، فإنه يلاحظ أنهم بصحة جيدة.
ويذكّر محمد الأمين الناس بأن الصوم ليس فقط النوم في النهار والسهر في الليل، بل عبادة روحانية تتجلى في قيام الليل، والإقبال على الله.
ويبدو مطعم زينب للوجبات السريعة في وسط السوق شبه خالٍ من الزبائن،
لكنها تتوقع عودة الزبناء إلهيا مع تقدم الشهر، لأنهم عادة يفطرون بأعذار مختلفة أبرزها حرقة المعدة، وارتفاع الضغط، حسب تجربتها.
ويستنكر الشريف ظاهرة الفطر العلني ويبدي استغرابه من كون بعض الشباب يتمتعون بالصحة ولا يؤدون فريضة الصيام التي تأتي في السنة مرة واحدة.
ظاهرة سيئة
لكن أحمد ضاق ذرعا بجرأة المفطرين علنا إلى حد أنهم يردون على النصيحة بالقول ” لن ندفن في قبر واحد”.
ومثله الرشيد ولد عبد الرحمن- وهو سائق تاكسي- حيث يقول إن هذه الظاهرة سيئة، مطالبا أصحاب الأعذار المرضية بتناول الأكل والشرب بعيدا عن أعين الناس.
ويلاحظ أن السلطات لا تعاقب أبدا على هذه المسلكيات.
وبالفعل، فإن السلطات الموريتانية لا تعتبر هذه الظاهرة جريمة، ويخلو قانون العقوبات الموريتاني من أي عقوبة على المجاهرة بالإفطار في رمضان.
وعلى العكس فإن بعض الدول العربية والإسلامية تعتبر الإفطار في الشارع خلال رمضان إخلالا بالآداب العامة تترتب عليه الغرامة والسجن في بعض الأحيان.