تعرف على أول حكومة موريتانية بعد الاستقلال

كان قرار فرنسا في الخامس والعشرين من يونيو سنة 1958 القاضي بتحويل رئاسة مجالس الحكومات إلى نواب رؤسائها الأفارقة، وتنصيب الأستاذ المختار ولد داداه رئيسا لمجلس الحكومة بموريتانيا في 31 يوليو سنة 1958، بمثابة الخطوة الأولى نحو دولة موريتانية مستقلة.
البراء أحمد سالم
عكفت الحكومة آنذاك بقيادة الوزير الأول المختار ولد داداه إلى عقد اجتماعات ومشاورات مع القوى السياسية المعارضة، ومع وجهاء الشعب وأعيانه تدعوهم إلى الحوار والانفتاح السياسي، وتشدد على أهمية بناء مؤسسات قوية للدولة تجنبها عواصف الاضطرابات والفتنة.
وفي سنة 1960 تم الإعلان الرسمي عن استقلال موريتانيا بشكل كلي والاعتراف بها من قبل بعض دول العالم، وتعيين المختار ولد داده رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وبعد تنصيبه باشر ولد داده ممارسة مهامه بدء بإلغاء منصب الوزير الأول، وتشكيل حكومة جديدة.
وفي الجمعة الأخيرة من شهر سبتمبر سنة 1961 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 10.342 يتعيين أعضاء الحكومة التي من بينها تسعة وزراء، و هذه سيرهم وأبرز محطاتهم بإيجاز
1 ـ رئيس الجمهورية ووزير الشؤون الخارجية والدفاع الوطني المختار ولد داداه:
ولد المختار ولد داداه سنة 1924 بمقاطعة أبي تلميت، وبدأ دراسته الابتدائية مبكرا وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين، ثم سافر إلى فرنسا لإكمال دراسته الثانوية حيث درس في بعض المعاهد الخاصة حتى حصل على شهادة الثانوية. وتابع دراسته في كلية الحقوق في فرنسا حتى حصل على شهادة المحاماة سنة 1948، ليكون أول موريتاني يعود إلى بلاده حاملا شهادة جامعية.
انتسب بعد عودته إلى حزب الاتحاد التقدمي الموريتاني المتأسس عام 1948 وهو الحزب الأقرب للإدارة الفرنسية آنذاك، ليتم تعيينه سنة 1958 الرئيس التنفيذي لمجلسه.
لكنه ما لبث أن أسس حزبه الخاص به تحت اسم التجمع الموريتاني، وخاض من خلاله الانتخابات المحلية التي رشحته للظفر بمنصب رئيس الوزراء، ووقف في وجه التنافس الحاد في نهاية الخمسينات بين دعاة الانضمام إلى المغرب و دعاة الانضمام لكونفدرالية غرب أفريقيا بمقولته الشهيرة ” موريتانيا همزة وصل بين العالمين العربي والأفريقي”.
وفي سنة 1960 عين رئيسا للجمهورية حتى تم الانقلاب عليه في العاشر من يوليو سنة 1979 وسجن في ولاته 15 شهرا، توفي رحمه الله سنة 2003 في باريس عن عمر ناهز 80 عاما. ودفن في البعلاتية شمال أبو تلميت.
2ـ وزير الداخلية سيدي محمد ولد محمد أحمد المعروف ب ( الديِّين):
ولد سيدي محمد الديِّين في أبو تليميت عام 1917 وتلقى تعليمه المحظري هناك، ودرس التعليم النظامي في موريتانيا والسنغال.
شغل عدة مناصب سامية في الدولة أولها في حكومة 1959حيث كان مكلفا بحقيبة التعليم والشباب والتربية، ثم وزيرا للشؤون الداخلية سنة 1961. وفي الفترة ما بين عامي 1963 و 1965 عين وزيرا للخارجية وواجه أوضاعا إقليمية ودبلوماسية صعبة ليختم مشواره الحكومي بوزارة الإسكان والعمران، وتروي بعض المصادر أنه هو الذي اختار كلمات النشيد الوطني الأول.
وفي ثمانينات القرن الماضي أصيب بمرض عضال أفقده القدرة على الكلام بشكل واضح ، و بعد صراع طويل مع المرض توفي 2013 عن عمر ناهز 96 عاما. ووري جثمانه الثرى في نفس المقبرة – التي دفن فيها الرئيس ولد داداه – مقبرة البعلاتية.
3ــ وزير الإعلام والوظيفة العمومية الدي ولد إبراهيم:
ولد الدَّي ولد بكار ولد سويد أحمد أبا وأما سنة 1933 في مقاطعة المجرية. درس الابتدائية في تجكجه وكيفه ليلتحق بمعهد أبو تلميت فترة من الزمن، ويكمل دراسته الثانوية بعد ذلك في إعدادية روصو.
وعين ترجمانا في أطار ثم في شنقيط، ثم في تمبدغه ثم مديرا لديوان وزير التخطيط والتوسع الاقتصادي ” اندر” بسان لويس وهو ابن ثلاثة وعشرين سنة آنذاك.
وفي سنة 1958 سافر رفقة سبعة أطر موريتانيين لتكوينهم في المدرسة الوطنية الفرنسية لما وراء البحار في الإدارة، ليصبحوا أول دفعة إدارية وطنية تهيأ لخلافة الفرنسيين في إدارة البلد بعد الاستقلال.
بعد التخرج التحق الدَّي بالإدارة الإقليمية وتم تعيينه حاكما لأمرج ثم حاكما لدائرة إينشيري وفي سبتمبر 1961 عين وزيرا للإعلام والوظيفة العمومية وهو ابن 29 سنة.
انتخب نائبا ثم عضوا في مجلس الشيوخ، كما عين سفيرا في الجزائر ثم في السنغال سنة 1970 ثم في تونس 1973 ثم في فرنسا قبل حرب الصحراء ليعود إلى الوطن بعد ذلك ويعين سفيرا مديرا للشؤون الإدارية بوزارة الخارجية.
وبعد انقلاب 1978 عين الدَّي سفيرا لإيران ثم اختير بعد حركة إبريل1979 سفيرا في المغرب. وفي 1981 عاد ليشغل منصبه السابق في وزارة الخارجية، وأعلن عن وفاته – رحمه الله – في الشهر الثامن من سنة 2024.
4ـ بوياغي ولد عابدين وزير النقل والبريد والمواصلات:
ولد بوياغي في حدود 1915 في تمبدغه، ودرس القرآن والعلوم الشرعية في المحاظر، التحق بالمدارس الفرنسية الموجودة في ذلك الحين مثله مثل أقرانه. لكنه لم تسنح له الفرصة لاستكمال تعليمه الجامعي نظرا للظروف المتمثلة في عدم وجود جامعات في البلد.
في منتصف الأربعينات من القرن الماضي انخرط في العمل السياسي، فانتسب إلى حزب الوفاق الذي يرأسه أحمدو ولد حرمه قبل أن يصبح أمينا عاما لحزب النهضة الذي كان وليد صراعات الساحة السياسية آنذاك سنة 1958.
ومع اختلاف التوجهات السياسية لكل من الرئيس وبوياغي إلا أنه عينه في حكومة 1961 وزيرا للنقل والبريد والمواصلات خلفا ل آمادو جاجي صامبا ديوم قبل أن يقال ويستقيل سنة 1962 من المكتب السياسي ومن الحكومة.
وبمساعدة من رفاقه – نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر- رجل الأعمال بمب ولد سيدي بادي، ومحمدن ولد الشدو استطاع تأسيس جريدة الشعب التي تعد أول جريدة مستقلة عن السلطة والتي تنشر بشكل أسبوعي.
ولم يلبث طويلا حتى وجد نفسه يصارع مرضا غامضا وصفه الأطباء في مستشفيات باريس بأنه أقرب ما يكون إلى سرطان العظام بحسب صديقه ومرافقه آنذاك بمب ولد بادي، حتى توفي رحمه الله سنة 1970.
5ـ حافظ الأختام ووزير العدل الحضرامي ولد خطري.
ولد في تكانت سنة 1928، كان كاتبا إداريا خلال مرحلة الإدارة الفرنسية ثم سكرتيرا لحرمة ولد ببانه، قبل أن يصبح سنة 1958 رئيسا لحزب الوحدة الوطنية الموريتانية. كان يدعوا إلى إلحاق الحوض الشرقي بمالي ليوضع في فبراير سنة 1960 تحت الإقامة الجبرية.
وفي سنة 1961 تم استدعاؤه وتعيينه في يوليو أمينا عاما للشؤون الخارجية كنوع من التهدئة بحسب أهل الرأي في السفارة الفرنسية. وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى عين خلفا لوزير العدل والتشريع شيخنا ولد محمد لغظف.
توفي رحمه الله في جمهورية تونس سبتمبر 2009.
6 ـ با بوبكر ألفا وزير الصحة الجديد.
من مواليد الضفة طبيبوسياسي بارز انخرط مبكرا في السياسة و انضم لحزب الوحدة الوطنية الموريتانية واستطاع كسب زخم وتأثير قوي في كوركول، شغل منصب وزارة الصحة في عدة حكومات في عهد الرئيس مختار داداه.
وتم الإعلان عن وفاته رحمه الله في الثاني عشر من أبريل سنة 2018.
7 ـ اب ولد ان وزير التهذيب والشباب.
ولد عام 1919 في مدينة ولاته، عمل مدرسا ومترجما في المناطق الشرقية، ثم عين نائبا في البرلمان وفي حكومة الاستقلال 1961 عين وزيرا للتهذيب ثم العدل ثم استقال ليصبح نائبا وحين أقيل رئيس الجمعية الوطنية سليمان ولد الشيخ سيديا سنة 1963 عين اب رئيسا للبرلمان مكانه.
في سنة 1966 عين رئيسا للمحكمة العليا وفي سنة 1975 انتخب عضوا في البرلمان وبعد انقلاب 1978 عين وزيرا للعدل
ثم تقاعد ليتفرغ للدرس والمطالعة والتأليف حتى توفي في السابع من مايو سنة 2007 مخلفا الكثير من الآثار العلمية المفيدة
8 ــ الداه ولد سيدي هيبه ولد التيس وزير الاقتصاد الريفي والتعاون.
ولد الداه ولد سيدي هيبه سنة 1926 في لعكيلات، بكوركول وعين في أول حكومة بعد الاستقلال خلفا لأحمد سالم ولد هيبه. تخرج من مدرسة ويليام بونتي وعمل في الإدارة خلال فترة الحكم الفرنسية. ينتمي سياسيا إلى حزب التجديد.
انتخب نائبا في البرلمان عن دائرة كيهيدي سنة 1959 إلى 1979. كما انتخب مرتين رئيسا للجمعية الوطنية وذلك من سنة 1970 – 1978.
تفرغ لخدمة دائرته الانتخابية في ولاية كوركول.
وتوفي رحمه الله الأحد الموافق التاسع من فبراير 2012.
9 ـ وزير التخطيط محمد المختار معروف.
ولد سنة 1926 في ألاك، درس في أبي تلميت وحصل على شهادة المدرسة العليا في مدرسة ويليام بونتي في سبيكوتان.
طيلة مساره المهني شغل وظائف سامية أولها في الإدارة العامة سنة 1957، ثم عضوا في الجمعية الإقليمية الموريتانية سنة 1959.
عين في حكومة ولد داداه الأولى بعد الاستقلال وزيرا للتخطيط سنة 1961 ثم وزيرا للشؤون الخارجية، ثم تولى حقيبة الصناعة، ثم عاد لوزارة الخارجية بصفته الهرم الأعلى من جديد، لتكون آخر وزارة يتولاها هي وزارة الدفاع الوطني من ابريل سنة 1970 حتى أغسطس 1971.
عين سفيرا لإسبانيا وتونس قبل أن يحال إلى التقاعد سنة 1979.
10 ــ أحمد ولد محمد صالح وزير البناء
كان يعد أقرب شخصية للرئيس المختار ولد داداه رحمه الله، بدأ مشواره المهني في التدريس والترجمة، ثم انخرط في العمل السياسي و الحكومي وعين واليا على تگانت سنة 1960، ووزيرا للبناء سنة 1961، لتكون بداية لتوليه أهم الوظائف الإدارية في البلاد مثل الداخلية والقضاء والعدل. كما كان المبعوث الشخصي للرئيس الخاصة قبل أن يعود لفترة وجيزة سنة 2007 لدعم صديقه سيدي عبد الله في الانتخابات ويعود لشؤونه، وأعلن وفاته رحمه الله يناير سنة 2022.