ثقافة وفن

جائزة كونغور الأدبية.. إذ تروض باريس أقلام الكتاب الأفارقة

بابا ولد حرمة

فاز الروائي الجزائري الفرنسي كمال داوود بجائزة غونكور أرفع الجوائز الأدبية الفرنسية عن رواية “الحوريات”.

ولا تبتعد هذه الرواية، وفق عروضها المتداولة منذ أمس، عن الإطار العام الذي تتخلق فيه الأعمال الأدبية لفرنسيين من أصول إفريقية تحتضنهم باريس بلسانها وتوفر لهم عبر جوائزها ومنصاتها الإعلامية والثقافية بيئة تحدد، على نحو ما، مسار هذه الأعمال الأدبية وما تتناول من قضايا وما تغوص فيه من إشكاليات.

وليست سيرة صاحبها بمنأى كذلك عن التماهي مع المواقف الفرنسية الرسمية لا سيما ما تعلق منها بما تسميه باريس مناهضة الإسلاموية، ويصمه البعض بالإسلاموفوبيا.

تبيئة المثقف الإفريقي

ويتحدث الأنثروبولوجي الفرنسي جان لو أمسيل الذي تتبع بالنقد والتمحيص، في كتابه “اختلاق الساحل” 2023 الثيمات الرئيسية للأعمال الفنية والأدبية والسينمائية للأفارقة الفرنسيين عما يسميه تبيئة المثقف الإفريقي الفرنكفوني في باريس عبر جملة من الشروط والمنصات الإعلامية واللقاءات والمواعيد الفنية، تتكامل فيها حاجة فرنسا الشائخة ديمغرافيا وأدبيا إلى عنفوان القارة الطافحة بالشباب والوعد والطاقات مع سعي الكتاب الأفارقة إلى إثبات جدارتهم الأدبية واللغوية، أي ما يطلق عليه Francefriche.

ووفق أمسيل، فإن هذه الأعمال عادة ما تطفح بالمرارة وتفيض الدموع حسرة وأسى على مصائر شخوصها الرازحين تحت وطأة الآلام والمآسي والمعاناة الناجمة عن الرفض المجتمعي إزاء بعض القيم الغربية أو عن صعود الجماعات الإسلامية أو توطين أنماط تدين إسلامي “غريبة على القارة” .

كما في رواية الضائقات ذرعا” للكاتبة الكاميرونية ديلا أمادو آمال صاحبة غونكور لطلبة الثانويات أو روايات السنغالي محمد مبوغار صار صاحب جائزة غونكور.

يتبرم كاتب “الحوريات” بطمر العشرية السوداء من ذاكرة الجزائريين، لكنه، وفق منتقديه، لا يسعى لنبش هذه الحرب وإبقائها حية في ذاكرة بلاده، عكس ما تسعى قوانين السلم والمصالحة في الجزائر، إلا ليفرغها من أطياف حرب أخرى، هي حرب التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي.

الفناء الخلفي لفرنسا

ولعل ذلك هو الخيط الناظم بين هذه الرواية وروايات مبوغار صار وآخرين، أي أنها كتبت في الفناء الخلفي لفرنسا وعلى ارتباط بمساعي إعادة تأهيل باريس لماضيها وصورتها، صمتاً عن قضايا وتداولا لقضايا أخرى وتبشيرا بقيم ورفضا لأخرى.

ولعل الظرف السياسي والعلاقات الفرنسية المغاربية ليست بمنأى عن هذا الاختيار في وقت تتجه فيه باريس نحو الرباط، بعد أن تعثرت محاولات ماكرون سد الفجوة بين الذاكرتين الفرنسية والجزائرية بشأن حرب التحرير الجزائرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى