
قبل يومين أعلنت وزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي عن تصنيف جديد لنحو 255 مؤسسة متخصصة في مجالات البناء والأشغال وذلك لأول مرة في موريتانيا.
وكانت الوزارة قد أطلقت فاتح يناير 2024 برنامجا لتصنيف وتأهيل مؤسسات البناء والأشغال العمومية، في خطوة نحو إصلاح شامل لقطاع الأشغال ووضع حد للفوضى التي تطبعه.
أكثر من 973 مؤسسة قدمت لهذا البرنامج تم تصنيف 255 منها فقط، بينما تم رفض 718 مؤسسة لم تستوف الشروط، وقد أتيحت لها الفرصة مرة أخرى لإكمال ملفاتها.
وحسب الوزارة أصبحت هذه المؤسسات المصنفة تملك إفادات رسمية صادرة عن المديرية العامة للضرائب، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وذلك بعد أن قدمت ما يثبت توفرها على الكفاءات البشرية والموارد المالية اللازمة لتنفيذ الأشغال التي يحق لها التقدم لها كل حسب تصنيفه.
تصنيف حسب التخصص
أثناء عرضه لبرنامج حكومته أمام البرلمان بداية العام الحالي أعلن الوزير الأول المختار اجاي عن مشروع “فرض تصنيف الشركات”
وصرح الوزير أنه بفضل هذا المشروع لم يعد اليوم بإمكان الشركات غير المصنفة المشاركة في الصفقات العمومية، كما أن أي شركة مصنفة في قطاع الطرق لا يمكن أن تتقدم لصفقات في قطاع المباني أو غيرها.
و حسب ما أوضحت الوزارة فإن تصنيف هذه الشركات حسب مجال التخصص جاء على النحو التالي:
صنفت 124 مؤسسة في قطاع المباني، و40 في شبكات المياه، كما تم تصنيف 24 في الأحواض المائية و الاستصلاح الزراعي، و13 في حفر الآبار.
كما تم تصنيف 12 مؤسسة ما بين الإنتاج والتوزيع الكهربائي، و 9 مؤسسات في الطرق و8 في السدود، و7 في الصرف الصحي.
تصنيف حسب الفآت
يهدف هذا التصنيف إلى تعميم الاستفادة من الصفقات، و تكافئ الفرص بين جميع مؤسسات قطاع الأشغال، وقد تم تصنيف الشركات إلى كبرى ومتوسطة وصغرى حسب قدراتها المالية والفنية.
و تقول الوزارة: “إنها وضعت نظاما صارما للتنقيط والترجيح بناء على القدرات الحقيقية للمؤسسات فنيا وماليا”.
ومن أجل توسيع دائرة المستفيدين من تنفيذ الأشغال أصبح لكل شركة نطاق مالي لا تتعداه، فلم يعد مثلا بإمكان شركات كبرى أن تشارك في صفقات بقيمة 200 مليون، كما أنه ليس من المقبول أن تشارك شركة صغرى في صفقات بقيمة مليار مثلا.
لكن حصيلة هذا التصنيف حسب الفآت لم يعلن عنها حتى الآن، وقد اقتصرت الوزارة في بيانها الأخير على حصيلة تصنيف الشركات حسب التخصص، وهوما أثار تساؤلات حول شفافية هذا المشروع الإصلاحي وضمان تنفيذ مختلف بنوده و مدى إمكانية صموده مستقبلا في وجه المتنفذين.
خصوصا أن الوزير الأول المختار اجاي في خطابه أمام البرلمان خلا العام الجاري أكد أن برنامج التصنيف هذا” واجه الكثير من المشاكل والعراقيل التي لا حدود لها”.
تحديات وعراقيل
وفي حديثه لموقع تحديث أوضح المهندس المدني الناجي ولد سيدي محمد: أن هذا البرنامج يمثل نقلة نوعية في المجال ومن شأنه أن يضمن تنفيذ المشاريع وفق أعلى معايير الجودة.
ويضيف: لكنه مازال يواجه تحديات تعيق تطبيقه بشكل شفاف، أبرز هذه التحديات هو التحايل على حقوق العمال بعقود لا تضمن لهم الاستمرار في العمل و الإشراف عليه بشكل دائم.
ورغم أن الوزارة أكدت أن المؤسسات المصنفة أسهمت في توفير أزيد من 2000 وظيفة، غالبيتها من الطواقم الفنية المتخصصة في مجال الأشغال العمومية.
إلا أن كثيرا من العاملين في هذا المجال يؤكدون وجود تحايل وتلاعب كبير من المؤسسات يختبئ وراء هذه الأرقام.
وحسب العاملين في المجال فإن إلزام الشركات بتوقيع عقود دائمة مع إداريين وفنيين، لم يتم بالطريقة الصحيحة وتم التحايل عليه من طرف الشركات.
وفي المقابل تؤكد الوزارة أن الشركات قدمت الأدلة والوثائق أن لديها ما يكفي من الموارد المالية والأدوات والمعدات الفنية والخبرات البشرية لتنفيذ الأشغال في مجالها.
مطالب ملحة
وللتغلب على هذه العراقيل والتحديات يرى المهندس الناجي أنه يجب إضافة التحسينات التالية وهي:
• إلزام الشركات المُصنَّفة بتواجد المهندسين العاملين لديها والمسجلين لدى لجنة التصنيف في مواقع العمل والإدارات، لتمكين لجان المراقبة من التحقق من ذلك.
• دعم وتشجيع شركات المقاولات الهندسية المتخصصة لضمان جودة المشاريع، وإغلاق الباب أمام المتطفلين على قطاع الأعمال الهندسية.
• إلزام الشركات بالإفصاح عن رواتب المهندسين العاملين لديها، ومقارنتها بمستويات الرواتب في الدول المجاورة، لضمان حصول المهندسين على حقوقهم ومنع استغلالهم
• فرض تدريب سنوي إلزامي على جميع الشركات المُصنَّفة لصالح العمال اليدويين التابعين لها، للمساهمة في رفع جودة تنفيذ المشاريع.”
• اشتراط حد أدنى من الخبرة المثبتة للمقاول في مجال تخصص المشروع، لضمان كفاءة تنسيق الأعمال وجودة التنفيذ.”
• تشجيع الشركات التي تلتزم بالمواعيد التعاقدية ودفاتر الشروط والمواصفات، وتعزيز مبدأ المحاسبة على المخالفات.”