تقارير
ما الذي يزعج الرئيس غزواني في الحديث عن خليفته في القصر الرئاسي؟

نواكشوط- تحديث
——-
من أقصى الشرق وبلهجة حاسمة، استنكر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الأحاديث التي تدور في الأغلبية حول الشخص الذي سيخلفه في قيادة البلاد بعد انتهاء مأموريته الثانية.
وقد جاء استنكار الرئيس الأربعاء، بعد أشهر من تنامي التكهنات حول صراع في الأغلبية حول الشخص الذي يجري إعداده لحكم موريتانيا التي دخلت مرحلة إنتاج الغاز وتطوقها تعقيدات أمنية وسياسية من مختلف الجهات.
مبدئيا، تتبنى موريتانيا، التعددية الحزبية ويجري انتخاب الرئيس فيها بالاقتراع المباشر، وتشارك في الاستحقاقات المعارضة والأغلبية، مما يعني أن النظام لا يملك أصلا القدرة من الناحية القانونية والإجرائية على تسمية رئيس للبلاد.
ولكن الطبقة السياسية في موريتانيا، تميل إلى التسليم بحتمية فوز مرشح الحكومة، انطلاقا من كونه سيحظى بمباركة الجيش الذي يأتمنه معظم الناس على مستقبل واستقرار البلاد.
———-

(1)
وفي الآونة الأخيرة تحدث كثيرون عن تأهيل وزير الدفاع حننة ولد سيدي لخلافة الرئيس غزواني، فيما حاولت أجنحة من الأغلبية الترويج للوزير الأول المختار ولد اجاي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعادت الشائعات ملاي ولد محمد لقظف لبورصة التكهنات الرئاسية، وزج آخرون باسم وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، وتهامس غيرهم بأن الرئيس قد لا يغادر أصلا.

لم يكتف الدستور الموريتاني بمنع المأمورية الثالثة، وإنما حصن المواد التي تمنعها، فحرمّ إجراء أي تعديل على مواد المأموريات وأوجب لها قسما خاصا بها بالإضافة للقسم الرئاسي العادي.
من هذه الحقيقة، يمكن القول إن الرغبة في البقاء في القصر ليست السبب الفعلي لانزعاج الرئيس من الحديث عن خلفه في عام 2029.
لقد أقسم الرئيس غزواني على احترام الدستور، ثم أقسم على عدم السعي بأي طريقة مباشرة أو غير مباشرة لتعديل المواد المتعلقة بمدة مأموريات الرئيس.
هذا عن الجانب القانوني.
(2)
أما في الجانب السياسي، فإن الأمر يختلف كليا، إذ أن رؤساء الدول النامية بعدما يغادرون القصور ينتهي بهم المطاف أحيانا في السجون.
ولدينا في موريتانيا تجربة حية من هذا القبيل. وفي أفريقيا وأميركا اللاتينية خرج رؤساء من القصور وطال بهم المقام في السجون، بعد ان وجهت لهم تهم الفساد وتدبير المؤامرات.
ويعني هذا الواقع أن احترام الدستور لا يقل خطرا عن انتهاكه في بعض المناخات السياسية.
من هذه الحقيقة، فإن اختيار الأغلبية بديلا لرئيس الدولة، عملية مزعجة وتنطوي على مخاطرة كبيرة. ومن الأفضل أن تتم بعيدا عن التشويش والضغوط ليتسنى الحصول على الشخص المناسب.
وعلى كل، فإنه لا توجد مصادر موثوقة تؤكد أن الرئيس غزواني منشغل باختيار خلفه. ولم تتسرب أي معلومة عن الدور السياسي الذي ينوي القيام به بعد انتهاء مأموريته الثانية في 2029.
(3)
وربما يكون مصدر الإزعاج هو أن الانشغال بالرئيس المقبل من شأنه أن يصرف الأنظار عن مركزية الرئيس الحالي.
وبالطبع، فإن النخب السياسية والقوى التقليدية ستركز من الآن على بناء حظوظها مع رجل المستقبل.
وهذا سيفقد الرئيس الحالي الهيمنة على توجيه المشهد السياسي، وقد ينقص من قدرته على صنع القرار الحكومي، انطلاقا من وعي الأغلبية بأنه بات رئيسا مؤقتا فقط.
لم يعبر غزواني عن انزعاجه أو خشيته من فقدان التأثير بشكل صريح، ولكنه شدد على أن الشائعات المتعلقة بالترشيح لا تخدم برنامجه الانتخابي وتعهداته للشعب الموريتاني.
وعلى هذا النحو، جاء بيان حزب الإنصاف ليقول إن غزواني “وجّه رسالة حازمة بوضع حدّ للشائعات والطموحات الشخصية، داعيًا النخب السياسية إلى التركيز على ما يخدم الوطن والانخراط في الحوار الوطني بما يعزز فعالية المؤسسات الدستورية.
وقد أكد الحزب- الذي يملك الأغلبية في البرلمان- “دعمه الكامل لفخامة رئيس الجمهورية وبرنامجه “طموحي للوطن”، واستعداده لمواكبة أي إصلاحات تخدم الديمقراطية والدولة والمواطن.
ومن هنا نأى الحزب بنفسه عن أي جهد يمكن أن يشكل مصدر إزعاج للرئيس أو يرمي للحد من نفوذه خلال مأموريته الثانية والأخيرة.
وفي هذا السياق، كتب رئيس تواصل السابق جميل منصور والذي يعد حاليا من صقور الأغلبية: “الأهم، خصوصاً بالنسبة لداعمي برنامج رئيس الجمهورية، هو العمل على تطبيق هذا البرنامج بما يتضمنه من ورش التطوير والتنمية والإصلاح”.
وقبل ولد منصور، كتب وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوك في وقت سابق أنه “يستعصي على المرء إيجاد مسوغات للحديث عن استحقاق انتخابي تفصلنا عن موعده أربع سنوات، وهي فترة تعادل مأمورية أكبر الديمقراطيات في العالم”

وفي هذا السياق، كتب رئيس تواصل السابق جميل منصور والذي يعد حاليا من صقور الأغلبية: “الأهم، خصوصاً بالنسبة لداعمي برنامج رئيس الجمهورية، هو العمل على تطبيق هذا البرنامج بما يتضمنه من ورش التطوير والتنمية والإصلاح”.


