الرأي

القضية الصحراوية إلى أين تتجه؟

خطري أحمد جدو (باحث)

يشهد مجلس الأمن في الآونة الأخيرة حركية ديناميكية، بخصوص القضية الصحراوية التي ظلت عصية على الحل قرابة نصف قرن،ومع اقتراب موعد التصويت على مسودة القرار الذي صاغته الولايات المتكحدة الامريكية وقامت بتوزيعه على الدول الأعضاء،كان من المفترض أن يتم التصويت عليه يوم الخميس الماضي 30 أكتوبر، ولكن مع الظروف الاقليمية الصعبة لبلدان مجاورة تم تأجيل تمرير القرار بصيغته النهائية.

إذا ماهي أسباب هذا الإرجاء؟ هل اسباب الارجاء التداعيات الاقليمية ؟ أم أن هناك أسباب خفية متعلقة بالقضية ذاتها؟.

خلفية النزاع:
يعد نزاع الصحراء الغربية من أقدم النزاعات في القارة الإفريقية حيث تعود جذوره”المغاربية” إلى اتفاق مدريد عام 1975 الذي بموجبه،تم منح موريتانيا موريتانيا والمملكة المغربية حق إدارة إقليم الصحراء الغربية وتم تقسيما الى جزئين (وادي الذهب تحت الادارة الموريتانية والساقية الحمراء تحت الادارة المغربية) دون الرجوع إلى مبدأ تقرير المصير الذي نصت عليه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة(1514دجمبر 1960و2625 عام 1970).

وكمخرج على هذا التقسيم قامت البوليساريو بإعلان إستقلال ما أسماه بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية سنة 1976 ودخلت في مواجهة مسلحة مع كل من المغرب وموريتانيا بدعم من (الجزائر وليبيا).
انسحبت موريتانيا من النزاع في العام (1979) بموجب اتفاق الجزائر مخلفة ورائها النزاع الذي بقي ثنائيا بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.

ظل هذا النزاع بين الطرفين الى أن تم توقيع اتفاقية وقف اطلاق النار بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية عام 1991 تحت رعاية الامم المتحدة،وتم انشاء بعثة من طرف الاخيرة MINNUROمن أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية.

لكن هذا الاستفاء لم يتكتب له النجاح وكان من أبرز الاسباب هو صعوبة تحديد الهوية الصحراوية عن باقي المجتمعات المحيطة بها.

ومع مطلع الالفية طرحت مبادرات عدة لحل هذا الملف ،أبرزها مبادرة الحكم الذاتي المغربية 2007.

مضمون المسودة الامريكية وتداعياتها

تتضمن المسودة الامريكية المعروضة في مجلس الامن حلا ربما يكون بين النقيضين (بين الحل الاكثر واقيعية سياسية،وبين الالتفاف على الشرعية الدولية) حيث أكدت على المبادرة المغربية التي أظهرت بوضوح حسب وكالة رويترز “على أن المبادرة المغربية تمثل الحل الواقعي،الجاد والوحيد”
كما نصت هذه المسودة حسب نفس الوكالة على تجديد بعثة MINURSOلمدة عام ،مع تكليف الامين العام للامم المتحدة بمراجعة عمل البعثة في غضون ستة أشهر. المسودة ذكرت الحكم الذاتي ستة مرات ،ماجعل البوليساريو وحليفها الاستراتيجي يعدونه انحرافة خطيرة عن قرارات الامم المتحدة الداعية إلى مبدأ تقرير المصير.

تداعيات المسودة تمتد الى أبعاد اخرى غير الدبلوماسية والاستيراتيجية فمن الناحية القانونية تبني مجلس الامن لهذه الصغة سيعد تحولا في المرجعية الدولية للنزاع من مبدإ الاستفتاء إلى منطق التسوية الواقعية ،وهذا بدوره سيؤدي الى تقليص شرعية البوليساريو الاممية.
انقسام المواقف داخل مجلس الامن:
المناقشات الجارية في مجلس الامن تعد انقساما واضحا بين القوى الكبرى (التي تملك حق الفيتو) حيث تحول المجلس إلى توازنات بين الشرق والغرب من أجل توازن النفوذ في المنطقة فالاولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا من أكبر الداعمين للمبادرة المغربية حيث يرون أن هذا المقترح هو الانسب واقعيا والحل الامثل الاستتباب الامن في المنطقة.

في المقابل الصين وروسيا والجزائر كطرف إقليمي مباشر متمسكين بمبدأ تقرير المصير عبر الاستفتاء،حيث يعتبرون تجاوز هذا المبدأ هو تجاوز للشرعية الدولية. وهذا يعيدنا الى السؤال: ماهي أسباب إرجاء قرار التصويت؟ هل هي القضايا الطارئة أم أن هناك أسباب أخرى متعلقة بالقضية ذاتها؟.

من الواضح أن مايحدث في السودان كان له دور كبير بيد أنها قضية خرجت عن السيطرة،ولكن يوجد أسباب أخرى متعلقة بالقضية منها:

_اصطدام مشروع القرار الامريكي الداعم للمغرب بمعارضة روسية،صينية اللتين اعتبرتا أن النص منحاز للمغرب وفيه تجاهل صارخ لمبدئي الاستفتاء وحق تقرير المصير.

_اعتراض الجزائر وتكثيف جهودها البلوماسية داخل الامم المتحدة عبر تكتلاتها الإفريقية وحركة عدم الانحياز من أجل عدم تمرير الصغة النهائية الداعمة للطرح المغربي.

كل هذه التطورات أجبرت الولايات المتحدة الامريكية على التريث ،نتيجة المفارقات بين الجانبين اي من يرى القضية الصحراية قضية تصفية استعمار وبين من يراها ملف استقرار إقليمي ،بين هذا وذاك نطرح السؤال من جديد ،القضية الصحراوية الى اين تتجه؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى