تقارير

ملاحف كيهيدي.. فرص عمل وقصص ملونة في الشوارع

كيهيدي- اخيارهم ولد زيني

مبينا واماوة وسانغانوغو وأخريات من بنات مدينة كيهيدي، ينهمكن يوميا في تطريز وتلوين حياة المجتمع، فيتوافد الناس لشراء بضاعتهن لبيعها في مناطق أخرى من البلاد وحتى لنقلها إلى الخارج.

وتعتبر كيهيدي مدينة الألوان بامتياز، فَسوقها المطل على نهر السنغال توجد داخله مئات النساء اللواتي قررن نبذ الاتكالية، ووجدن في صباغة وبيع الملَاحف ملاذًا آمنًا لهن و مهنة تغنيهن عن مد اليد للآخرين.

صاحبة العشرين سنة “مينة يعقوب بليد” هي واحدة من بين عشرات الفتيات في كيهيدي اللواتي أجبرتهن ظروف الحياة على ترك الدراسة مبكرًا، واتجهن لسوق العمل.

وجدنا مينة أمام محل لبيع الهواتف تستظل بظله واضعة ملاحفها على رصيف الشارع، تنادي بصوت عالٍ “وهاو وهاو راعيلكم ملحف كيهيدي”.

وبعد تردد قبلت الحديث معنا قائلة: “أجبرتني الظروف على ترك الدراسة لكنني سعيدة بهذا العمل”.

و رغم صغر سنها، إلا أنها أصبحت تتقن هذه المهنة جيدًا، بدءًا من التطريز حتى الصباغة.

 تقول مينة إنها تعلمت أبجديات هذه المهنة على يد أم زوجها، ثم تطورت  لتصبح محترفة.

مدينة كيهيدي تشتهر بصباغة وتطريز الملاحف
مدينة كيهيدي تشتهر بصباغة وتطريز الملاحف

مبالغ معتبرة

 تقدر صاحبة العشرين عامًا صافي ربحها اليومي من الصباغة بحوالي 500 أوقية جديدة، وهو مبلغ تعتبره مينة جيدًا كونه يساهم في شراء مستلزماتها اليومية، إضافة إلى أنها تترك الباقي منه لشراء بعض الاحتياجات المنزلية.

تختتم مينة بليد حديثها مع موقع تحديث بقولها باللهجة الحسانية “أعطيني أعطيني ما تخلي الي يبقيني”، في إشارة إلى أن مهنة الصباغة هذه شجعتها على نبذ الاتكالية لتعتمد على نفسها دون الحاجة لما في يد الآخرين.

وغير بعيد عن مينة، تتمركز “خديجتو الاسان سانغانوغو”، التي تزاول المهنة نفسها. هنا يختلف الحال، فخديجتو مطلقة وأم لثلاثة أطفال، وهي الأم والأب في نفس الوقت.

و بملامح أنهكها الزمن، تقول خديجتو: “ابني الأكبر لم يتجاوز عمره 12 سنة، وأنا امرأة مطلقة، والحمد لله أن أمي علمتني هذه المهنة التي هي ليست فقط مصدر رزق بالنسبة لي بل هي مصدر حياة”.

رغم المخاطر الصحية التي تسببها رائحة الصباغة، إلا أن خديجتو تعشق هذا المهنة وترى فيها نفسها، وهي التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ منها.

 سانغانوغو، التي عايشت هذه المهنة منذ الصغر، تقول إن صافي أرباحها اليومية من هذه المهنة يتجاوز 1500 أوقية جديدة، وهو أمر يجعلها تطمح لفتح محلها الخاص لبيع وتطريز الملَاحف.

لم تحصل خديجتو قط على دعم حكومي لمشروعها هذا، وهو ما تشتكيه رفقة زميلاتها في هذا المجال، وتطالب الحكومة الموريتانية بدعمها.

بصمات نساء كيهيدي

أما زين العابدين البكاي، صاحب 28 ربيعًا، فهو صاحب محل لبيع الملَاحف بكل أنواعها المطرز يدويا.

 يقول زين العابدين إنه يفضل ملحف كيهيدي على الملحف القادم من الدول المجاورة، كون زبائن محله تستقطبهم فقط صناعة نساء كيهيدي.

يتميز محل زين العابدين ببيع عينات من الملحف بعضها يتجاوز سعره 600 أوقية جديدة، كملحف “سورور”.

متوسط ربح زين العابدين من الملحفة الواحدة يصل أحيانًا 150 أوقية جديدة، وهو أمر يعتبره الشباب مقبولًا خصوصًا في هذه الفترة التي يخف فيها الإقبال.

مشهد عام من وسط مدينة كيهيدي
مشهد عام من وسط مدينة كيهيدي

فرص استثمارية

واصلنا البحث عن رواد هذه المهنة، فوجدنا “إماو منت الناجي” التي تعتبر أحد أبرز التجار في كيهيدي.

تحدثنا معها عن طبيعة المستثمرين في هذا المجال وهل يمكن أن تكون مصدر دخل مستمر.

تقول إماو لموقع تحديث إن المستثمرين الرئيسيين في مجال الملاحف هم النساء و”التيفاية” القادمون من أقصى الشرق الموريتاني ومن الدول المجاورة كالجزائر والصحراء الغربية.

أما عن دخلها، فقالت إماو إنها بدأت مشروعها بـ 50 ألف أوقية جديدة، ورأس المال العام لمشروعها اليوم تجاوز أضعاف البداية بعشرة مرات.

وحسب العديد من سكان كيهيدي، فإن هذا المجال يستقطب حوالي 500 امرأة بين مطرزة وبائعة للملاحف.

هذا المجال بدأ يستقطب الرجال الشباب، حيث يشترون الملاحف بالجملة من المدينة الواقعة جنوب موريتانيا ويبيعونها في مناطق أخرى وحتى في خارج البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى