الرأي

عربدة إسرائيل تتجاوز كل الخطوط الحمراء: قصف الدوحة جريمة لا تُغتفر

د . أنس الماحي

في خطوة غير مسبوقة، ضربت إسرائيل مجددًا عرض الحائط بكافة القوانين والأعراف الدولية وقامت بشنّ هجوم جبان استهدف مقرات سكنية في العاصمة القطرية الدوحة، يُقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس  ورغم مزاعم الاحتلال بأن العملية تستهدف “إرهابيين”، فإن ما حدث هو انتهاك سافر لسيادة دولة مستقلة، عضو في الأمم المتحدة، ويمثل تهديدًا صريحًا لأمن وسلامة المدنيين القطريين والمقيمين على أراضيها.

ليست القضية مرتبطة بانتماء الأشخاص المستهدفين أو توجهاتهم السياسية، فالمبدأ واضح وثابت في القانون الدولي لا يجوز لأي دولة أن تنتهك سيادة دولة أخرى، وأن تمارس القتل أو القصف على أراضيها، تحت أي ذريعة. فكيف إذا كانت الدولة المعتدية هي إسرائيل  التي اعتادت الضرب بيد من نار وحديد في كل أنحاء المنطقة، دون حسيب أو رقيب؟

قطر ليست ساحة حرب فمن غير المقبول ، لا أخلاقيًا ولا سياسيًا ولا قانونيًا، أن تتحول العواصم العربية إلى ميادين لتصفية الحسابات الإسرائيلية. فالدوحة، عاصمة دولة ذات سيادة، لا يمكن بحال من الأحوال أن تُترك مستباحة بهذه الصورة الفجة، فقط لأن إسرائيل قررت أن تفرض “قانونها” على الجميع فماذا لو أسفرت الضربة عن مقتل مدنيين؟ ماذا لو أصابت أهدافًا غير المقصودة؟ من يوقف هذه العربدة المستمرة ..؟

عربدة إسرائيل في الوطن العربي سجل أسود طويل وما حدث في الدوحة ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل في المنطقة منذ عقود ،، فمن قصف بيروت ودمشق إلى اغتيالات في السودان وتونس ومن اقتحام الأجواء اللبنانية والسورية إلى إرسال طائرات مسيرة فوق العواصم، فإن سلوك إسرائيل في الإقليم بات أقرب إلى سلوك المافيا الدولية منه إلى دولة تدّعي “الديمقراطية” واحترام القانون ،، إسرائيل لا تقيم اعتبارًا لأحد. لا تحترم الحدود، ولا السيادة، ولا حياة المدنيين. لا يعنيها القانون الدولي إلا بقدر ما يخدم مصالحها وكل من يعارض أو يقاوم سياستها يوضع تلقائيًا على لائحة “الأهداف المشروعة”.

إن صمت العواصم العربية على ما حدث في قطر اليوم هو بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل للاستمرار في عدوانها. فالهجوم على الدوحة لا يجب أن يُرى كقضية قطرية فقط، بل كتهديد مباشر لكل دولة عربية. إذا كان بإمكان إسرائيل قصف عاصمة عربية دون مساءلة، فما الذي يمنعها من قصف غيرها غدًا؟ .. لابد من موقف عربي موحّد، يضع حدًا لهذه الغطرسة. كما أن المجتمع الدولي مُطالب بالخروج من صمته المخزي، والتعامل مع إسرائيل كدولة مارقة، لا تحترم القانون ولا تلتزم بأي ميثاق.

قصف إسرائيل للعاصمة القطرية هو إعلان واضح بأنها لا تعترف بأحد، ولا تحترم سيادة أي دولة عربية. وهو تحذير شديد اللهجة للجميع من يسكت اليوم، سيكون هدفًا غدًا. إن ما حدث ليس شأنًا قطريًا فحسب، بل تحدٍ صارخ لكل الكيانات العربية، ولكل من يؤمن بأن للحدود حرمة، وللشعوب كرامة وللدول سيادة لا تُمس وعلى العرب أن يقرروا الآن إما الصمت المهين، أو الوقوف الحازم في وجه عربدة الاحتلال.

Mhmedans936@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى