الرأي

القاتل الخفي

الدده محمد الأمين السالك

حدثني أحدهم قال : كان سائق سيارة هيليكس على طريق الأمل يسير بسرعة 130كلم في الساعة، وأمامه حافلة عملاقة ” باص ” تابع لإحدى شركات النقل الخصوصية.

حاول سائق الهيليكس تجاوز الباص لكنه فشل في اللحاق به، لاحول ولاقوة إلا بالله .. هيليكس تسير بسرعة 130كلم/ساعة تفشل في اللحاق بباص.

فلنحاول تصور الموقف _ والحكاية حقيقية سقتها كما سمعتها بلا زيادة ولا نقصان _ هيليكس تسير بسرعة 130كلم لاتستطيع اللحاق بباص ضخم يحمل عشرات الأشخاص وآلاف الكلوغرامات من الأمتعة.. فبأي سرعة كان يسير هذا الباص ؟..قطعا أكثر من 130 كلم/ساعة وهي سرعة الهيليكس اللتى لم تستطع اللحاق به.
هل يستطيع سائق الاوتوبيس هذا إن اعترض طريقه عارض مفاجئ من حيوان وغيره أو انفجرت إحدى العجلات أن يتحكم في هذه الحافلة العملاقة التي تسير بهذه السرعة الجنونية ؟.. يقينا لا، بل هو معرض لانقلاب السيارة والهلاك هو ومن معه.

إن هذه الحالة تتجاوز حالة الانتحار -بالنسبة لسائق الباص- إلى حالة إبادة جماعية للركاب الذين سلموه قدرهم على متن حافلة عملاقة يقودها مجنون متهور طائش .. ولا يقل عنه جنون سائق سيارة الهيليكس الذي يسير بسرعة 130كلم/ ساعة فهما معاً انتحاريان بامتياز .

حسبنا الله ونعم الوكيل.

هؤلاء المجانين وأمثالهم إذا أوقفهم رجال الأمن على الطريق وصادروا أوراقهم سيقولون إنهم مظلومون وتتدخل القبيلة بقضها وقضيضها لحمايتهم..وقد يكونون أجانب وهنا ترمى الشركات المشغلة بثقلها لحمايتهم..والشعور بهذه الحماية هو مايجعلهم يتصرفون بلا مبالاة.

هؤلاء وأمثالهم من السائقين يتلاعبون بمصائر الناس بدون وازع فهم “قتلة” بحق يروح ضحية تهورهم وطيشهم مئات الأشخاص الذين يدفعون مالهم مقابل إيصالهم إلى وجهاتهم _ وقد لايصلون مطلقاً _ فيتحول مادفعونه إلى أجرة مقابل الموت.

الجهات المالكة للسيارات قد تقول إن مسؤوليتها تنتهي عندما تُسلِّم حافلاتها مكتملة الأوراق ” مؤمنة ” لسائق يحمل رخصة سياقة، والطوارئ يتحمل تبعاتها ” التأمين ” .. الله المُستعان .

لا يعلم هؤلاء المُلاك أنهم ماثلون أمام الله وسيسألهم عن ما يترتب على تهور سائقيهم من أضرار في أرواح الناس وممتلكاتهم، وسيدفعون مقابله مُرغمين من حسناتهم يوم لاينفع مال ولا بنون، حيث لا درهم ولا دينار، وإنما حسنات تؤخذ منهم لضحاياهم وسيئات ضحاياهم توضع على ظهورهم” وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم” ثم يُرمى بهم في نار جهنَّم.

التأمين لا ينفع في ذلك الموقف فحساب الله عادل وعلماؤنا بينوا الموقف الشرعي فقد قالوا إن التأمين لايعفي الإنسان من المسؤولية الشرعية عن أرواح الناس وممتلكاتهم.

سيقول المالكُ نحن سلّمنا سيارتنا لسائق متمرس يحمل رخصة سياقة تؤهله للقيادة وهو مسؤول عن تصرفه.. وأنا أسأل هؤلاء هل هذا مبرر أمام الله جلَّ جلاله الذي حرَّم قتلَ النفس..فلماذا لاتشترط أيها المالك على سائقيك أن لا يتجاوزوا سرعة معينة كفيلة بأمان الركاب وتجعل في عقدك معهم أنهم مسؤولون عن ما يترتب على تجاوز ذلك من أضرار بالناس وممتلكاتهم؟.

السائق قد يقول أنا أريد أن أصل إلى وجهتي بسرعة وسيارتي جاهزة فنياً وأنا أعرفها جيدا وقادر على التعامل معها في كل الظروف !.

غريب .. وهل تتحكم في عوائق الطريق ؟؟ هل تتحكم في العطل المفاجئ للعجلات ؟ .. فماذا سيترتب على التلف المفاجئ لإحدى العجلات وأنت تسير بجنون وتهور !.. ألم تعرض نفسك ومن معك للهلاك المحقق ؟.

ليعلم الجميع، ملاكاً وسائقين ومؤَمِّنين، أنهم ليسوا خالدين، سيموتون ويقفون أمام جبار السماوات والأرض ويسألهم عن الأرواح التي تسببوا في إزهاقها..فلماذا لا يشترط المؤمنون فى عقدهم التأميني سرعة قصوى تنتفى مسؤوليتهم التأمينية عند تجاوزها؟.

فليتقِ الله الجميع في أنفسهم وفي عباد الله “إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى