ولدت وزيرة المياه في بروكسل عام 1983، أي في بلاد لا يعرف فيها الناس العطش إلا إذا تعطل صنبور القهوة..
درست ميكانيكا السوائل في باريس، وحصلت على ماستر في “إدارة المعلومات والابتكار”، لكن يبدو أن المعلومات تبخّرت، والابتكار ذهب مع الريح، منذ أن تولّت مسؤولية الماء في بلد يشرب سكانه بالقطّارة.
سيرتها المهنية مثالية على الورق: مهندسة طاقة، خبيرة كهرباء، وزيرة نقل، مديرة طيران، والآن… وزيرة مياه.. لا شيء يربط بين هذه المناصب سوى قدرتها الفذّة على التنقل بسلاسة بين الملفات، كما تتنقل قطرات الماء في الأنابيب المثقوبة التي ترعاها وزارتها.
منذ تعيينها في أغسطس 2024، لم تهطل قطرة ثقة من المواطنين في وزارتها، فالعطش يعمّ العاصة والبلاد، والحنفيات يعلوها الغبار، بينما الوزيرة تخرج على الناس كل أسبوع، بذات العبارة السحرية:
“المشكلة في الطمي”.
لقد أصبح الطمي العدو الأول للدولة، العدو الخفي الذي يتسلل في الأنابيب، ويتربص بالخزانات، ويخرب المضخات، وربما قريبًا… يُحمّل مسؤولية الفساد والجفاف الروحي والثقافي أيضًا!
أمام الكاميرات، تتحدث الوزيرة بثلاث لغات (العربية، الفرنسية، الإنجليزية)، لكن المواطن العطشان لا يحتاج لشرح بثلاث لغات، بل إلى ماء بلسان واحد: حنفية تشتغل.
في عهدها، تحوّلت وزارة المياه إلى وزارة الأعذار، وأصبح الطمي مثل “شماعة” وطنية تُعلّق عليها كل الكوارث، من أزمة العطش، إلى عجز التخطيط، إلى انسداد الأفق.
ومع ذلك، تواصل الوزيرة عملها بكل ثقة، وربما تدرس حالياً مشروعًا مستقبليًا لتحلية الطمي بدل الماء، أو تصديره كمنتج وطني استراتيجي..
فكل شيء وارد في بلد تُقاس فيه كفاءة المسؤولين بقدرتهم على تبرير الفشل… لا على تجنبه.
المصدر: تدوينة للصحفي سيدي محمد الطلبة على الفيسبوك