تقارير

الموت على الطرق الموريتانية.. أرقام وتفاصيل وصمت رسمي وردود فعل غاضبة

في موسم الخريف، حيث يخرج الآلاف من سكان المدن نحو القرى والبوادي لقضاء العطلة والاستمتاع بأجواء الطبيعة، تتأهب الطرق الموريتانية لاستقبال موجات التنقل… لكنها لا تفعل ذلك كأذرع وصل بين الأحبة، بل كفخاخ قاتلة تحصد الأرواح في صمتٍ ثقيل.

فالطرقات التي كان يُفترض أن تكون شرايين حياة، أضحت ساحات موت يومي، تشهد نزيفًا لا يتوقف، وحوادث باتت تتصدر مشهد الموت في البلاد، وسط غياب صيانة حقيقية، وتهور سائقين يتسابقون على طرق ضيقة محفوفة بالمطبات والحفر، في ظل مراقبة شبه معدومة.

آخر هذه المآسي، الحادث الذي وقع اليوم، قرب اغشوركيت، والذي حصد روح شاب عشريني، وتسبب في إصابات خطيرا، والذي سبقه الحادث المروع الذي وقع صباح أمس الأحد على طريق نواكشوط – بوتلميت، عند الكيلومتر 75، والذي أودى بحياة أسرة كاملة، في فاجعة هزت الرأي العام، وأعادت طرح السؤال المزمن: من يوقف آلة الموت على الطرق؟

أرقام مفزعة وواقع أشد

وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، تسجل موريتانيا معدل 31.87 وفاة لكل 100 ألف نسمة نتيجة حوادث السير، وهو من بين أعلى المعدلات في العالم. وفي عام 2020 فقط، حصدت هذه الحوادث أكثر من 1150 روحًا، ما يمثل 5% من إجمالي الوفيات.

ولا يخفى على أحد أن الأسباب متعددة، تبدأ من تردي البنية التحتية خاصة في المناطق الداخلية، وتمر عبر ضعف الالتزام بقوانين المرور، وتنتهي عند غياب خدمات الإسعاف السريع، حيث يمكن لتأخر بسيط في التدخل أن يُحوّل مصابًا إلى رقم في لائحة الوفيات.

وتشير تقارير رسمية إلى أن العامل البشري مسؤول عن 52% من الحوادث، خاصة بسبب السرعة الزائدة، والتهور ، وغياب الرادارات، وترك الطرق دون تنظيم حقيقي لحركة السير.

مواطنون غاضبون: “الحل موجود لكن الإرادة غائبة”

في ظل هذا الوضع، انفجرت وسائل التواصل بصرخات ألم وغضب، وانهالت التعليقات التي تُشخّص المشكل وتقترح الحلول:
• اعلي بوتبيب كتب: “المشكلة هي ضيق الطرق وغياب الأرصفة والصيانة”.
• عبده محمد إبراهيم قال: “طريق الأمل طريق متهالك، تقطعت على قارعته أكباد السالكين”.
• أما البهجه أحمدو اجريفين فرأى أن “الحل في رئيس يعرف أنه مسؤول عن هذه الأرواح أمام الله”، مضيفًا أن “العدل والإنسانية ولّى زمانهما للأسف”.
• محمد محمود السالك اقترح إنشاء “طريق مزدوج، يفصل بين اتجاهيه حاجز، مع نقاط لعبور الحيوانات، ورادارات لضبط السرعة وفرض غرامات صارمة”.

وذهب البعض إلى اقتراح حلول أكثر جرأة، مثل اقتناء طائرات إسعاف، كما طالب بذلك سالم خونا، مؤكدًا أن “تكلفتها أرخص من سيارات فاخرة تقتنيها بعض القطاعات الوزارية”.

وفي ختام المشهد، قالت المدونة أسماء الداه: “ما نملكه اليوم هو الدعاء، والتوكل، وأن نطلب من الله أن يحفظ من تبقى على الطرق”.

الدولة.. بين الاستراتيجيات المعلنة والواقع الدامي

رغم إعلان الحكومة عن “استراتيجيات وطنية للسلامة الطرقية”، فإن الواقع ما زال ينزف، في ظل غياب أثر ملموس لتلك الخطط على الأرض. فالسؤال المطروح اليوم لم يعد عن الخطط فحسب، بل عن الجدية في التنفيذ، والقدرة على الإنقاذ قبل الفاجعة.

فهل إلى خروج من سبيل؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى