الرأي

وفاة شاب تثير عاصفة غضب في موريتانيا وتفتح النار على المستشفى العسكري والقانون الجنائي

أشعلت وفاة فتى موريتاني في ظروف غامضة جدلًا واسعًا وموجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اتهم مدونون إدارة المستشفى العسكري بالتقاعس عن إسعافه، رغم حالته الحرجة، مطالبين بمحاسبة الطاقم الطبي المناوب وتحقيق عاجل في الحادثة التي وصفها البعض بـ”الفضيحة الإنسانية”.

الناشط حبيب الله ولد أحمد كتب مستنكرًا: “يجب فورًا التحقيق في المقطع المتداول بشأن منع مريض من دخول الحالات المستعجلة رغم وضعيته الخطيرة”، فيما شدد زين العابدين ولد محمد سالم على أن “الطب لا يفرق بين مدني وعسكري، ولا بين غني وفقير”، مؤكدًا أن الرعاية الصحية حق للجميع.

حالات مشابهة أعيدت إلى الواجهة، إذ كتب الشيخ ولد محمد محمود عن مريض آخر أُهمل في المستشفى الوطني بعد تعرضه لحادث خطير، قائلاً: “فقط لأنه وحيد ولا أحد يتكفل به، بدأوا التلكؤ في علاجه”.

أما المدونة سهام حماده، فعلّقت بمرارة: “كطبيب لا يعنيني إن كان المريض مدانًا أو مشتبهًا به، عليّ أن أقدّم له العلاج، ثم أترك الحكم للسلطات”.

وتنوّعت ردود الفعل بين من حمّلوا المستشفى العسكري المسؤولية الكاملة، ومن ألقوا باللوم على الإطار القانوني الذي يمنع إسعاف بعض الحالات دون إذن قضائي، استنادًا إلى المادة 48 من قانون الإجراءات الجنائية.

المدون يونغ هازار قال: “لا يمكن علاج المصاب دون تصريح من وكيل الجمهورية”، وهو ما أثار استياء ناشطين كثر، إذ وصفه ناصح عبد الله بـ”قرار غير إنساني يجب تغييره فورًا”، مضيفًا: “حتى الحيوان لا يُترك ينزف بلا إسعاف”.

كما طالب البعض بتوفير نقاط أمنية داخل المستشفيات لتسريع إصدار التراخيص عند الضرورة، وعلّق محمد العاقب ولد السالم: “لماذا لا يكون هناك أمن في المستشفيات يملك صلاحية التصريح الفوري؟”

في الجهة المقابلة، أثار تصرف الشبان الذين أوصلوا الفتى إلى المستشفى كثيرًا من علامات الاستفهام، إذ تساءل المدون إسماعيل بابو: “لماذا لم يُبلّغ أهله؟ ولماذا تخلّوا عنه بهذه الطريقة؟”، بينما اعتبر آخرون أن الفتى وصل ميتًا بالفعل، وهو ما قد يفسر إحجام الأطباء عن التدخل.

الغموض ما زال يلفّ القضية، خاصة بعد أن تحدّث البعض عن آثار تعذيب بدت على جسد الضحية، بينما دعا مدونون كاعل آبو ومحمد أحمد إلى التريث وانتظار نتائج التحقيق الرسمي قبل إصدار الأحكام.

في المقابل، وُجهت انتقادات حادة لغياب مواقف واضحة من شخصيات حقوقية بارزة مثل بيرام الداه اعبيد ومريم الشيخ صمب، حيث اتهمهم مدونون بعدم الاكتراث بالقضية لكون الضحية لا ينتمي للفئة التي يدافعون عنها عادة، وفق قولهم.

 

وكتب المعلوم ولد بلال”لون بشرتك أيها الفتى القرآني القتيل لا يشفع لك لتكون قضيتك قضية رأي عام فلا أنت اسود ليقف معك السود بحجة الحقوق ولا البيض المؤثرين بحجة إثبات أنهم ليسوا عنصريين ويحبون السود وبين هذا وذاك لا أحد سيلتفت لأن معايير التضامن لا تتوفر فيك يا للأسف.رحمك الله واسكنك الفردوس الأعلى من الجنة.”

الحادثة المؤلمة فجّرت نقاشًا واسعًا حول تردي خدمات الطوارئ، وغموض العلاقة بين القانون ومهنية الأطباء، وفتحت الباب مجددًا للمطالبة بإصلاحات عاجلة تعيد الاعتبار لحياة المواطن، وتجعل إنقاذه أولوية لا تعرقلها الإجراءات ولا الحسابات…ويبقى كل هذا في انتظار ما ستسفر عنه تحقيقات الجهات المختصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى