كأننا نتفرج على مسرحية محكمة الإخراج: وزير الثقافة يفتتح مهرجانًا للسينما! نعم يفتتح مهرجانا للسينما في بلد لا توجد فيه قاعة سينما واحدة! أي عبقرية هذه؟ أين سنعرض الأفلام؟ على الجدران أم في الخيال؟ أم في قصر المؤتمرات ريثما يعود الضيوف إلى ديارهم؟
هذا المشهد يُذكرنا ببدايات الدولة، حين صيغ أول قانون للسير بلغة راقية ومنظمة، بينما وسيلة النقل الوحيدة آنذاك كانت الجِمال والحمير. اليوم نكرر نفس الفكرة: نحتفل بالسينما دون شاشة، ونقيم مهرجانًا للإبداع السينمائي في مدينة لا توجد بها قاعة عرض واحدة.
ليس العيب أننا بلا سينما فالأمر يتبع للثقافة ولسنا مجبرين بفتح دور عرض،، لكن العيب أن نكذب على أنفسنا بخطابات رسمية تملأ الهواء بعبارات لا تمت للواقع بصلة. يُحدّثنا الوزير عن “بنى تحتية حاضنة للفن” التي من المفروض أن تعني دور السينما والمسارح وقاعات العرض… والتي لا توجد في بلادنا، فماهي البنى التحتية التي يقصد معاليه؟
مع الأسف الثقافة عندنا عبارة عن كلام، يوزّع عبر نشرات الأخبار، ويستهلك في حفلات الافتتاح… فقط الافتتاح، أما الواقع فمؤجل حتى إشعار آخر.
إذا كان الهدف من هذه الأنشطة هو الرفع من اسم البلد فهنالك الكثير من المجالات الثقافية التي بالإمكان إحياؤها وتسويقها للأجانب.
يجب علينا كمواطنين رصد أنشطة المسؤولين ومتابعة تنفيذ البرامج وليس الإستماع إلى وعودهم فهم شعراء يتقنون فن العبارة ولكن كلامهم لايسمن ولا يغني من جوع ولا يحل حتى مشكلة الماء أو الكهرباء أو الصحة أو التعليم……