
نركز في جولتنا في الصحف الفرنسية الصادرة اليوم الأحد، الثاني والعشرين من يونيو 2025، على الحدث الذي تصدّر العناوين والافتتاحيات وهو الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، وما تبعها من ارتدادات إقليمية ودولية إذ تتفق كافة الصحف على أن منطقة الشرق الأوسط تقف على حافة تصعيد غير مسبوق، وسط انقسام في مواقف الدول الكبيرة، وتحذيرات من زلزال اقتصادي كبير قد يصل إلى الأسواق العالمية.
صحيفة لوفيغارو، Le Figaro, ركزت على الجدل القانوني في الولايات المتحدة بشأن شرعية هذا التدخل العسكري. وسلطت الصحيفة الضوء على تساؤلات دستورية أثارها العديد من النواب الأميركيين حول ما إذا كان يحق للرئيس، دون موافقة الكونغرس، شنّ هجوم بهذا الحجم الكبير. وأضافت الصحيفة أن قانون سلطات الحرب لعام 1973 يبدو وكأنه وُضع جانبًا. وبينما دعا بعض الديمقراطيين إلى محاسبة دونالد ترامب، اعتبر الجمهوري ليندسي غراهام أن للرئيس الحق الكامل، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، في اتخاذ قرارات عسكرية عاجلة. أزاحت لوفيغارو اللثام عن “صدام بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية” وهو ما يعيد إلى الواجهة جدلًا قديمًا بشأن حدود الصلاحيات في السياسة الخارجية.
صحيفة لو باريزيان، Le Parisien, تناولت تفاصيل العملية العسكرية الأمريكية، التي أُطلق عليها اسم “مطرقة منتصف الليل”، واستهدفت مواقع نووية استراتيجية في ثلاث مواقع، هي فوردو وناتانز وأصفهان. الهجوم، بحسب الصحيفة، تم باستخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU‑57 تم اسقاطها من قاذفات B‑2، وصواريخ توماهوك من غواصات في مياه الخليج. دونالد ترامب وصف العملية بأنها “ضربة قاصمة” للبرنامج النووي الإيراني، ودعا طهران إلى السلام. لكن إيران حذّرت من ردّ “لا يُنسى”، فيما نفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود أي تسرّب إشعاعي، رغم تأكيدها تضرر بعض المنشآت.
صحيفة نوفيل أوبسرفاتور، NovelObs، نشرت مقابلة مع الباحث بارتون باديا، الذي وصف الضربات الأميركية بأنها “تصعيد غير ضروري وخطير جدا”. وقال إن واشنطن تسعى للعودة إلى مركز القرار الدولي، لكن هذا التصعيد قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، إذ قد يدفع إيران إلى تعزيز برنامجها النووي بـ”حب وتصميم أكبر”. وحذّر من أن الرد الإيراني بات وشيكًا، وأن الحكومة الإيرانية ستستثمر هذا العدوان لتعزيز خطاب الضحية داخليًا وخارجيًا.
صحيفة لوموند، Le Monde، اهتمت بالمواقف الأوروبية، فنقلت عن وزارات الخارجية في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إدانتها للضربات الأميركية، مع دعوة طهران إلى عدم الرد بطريقة تُزعزع الاستقرار الإقليمي. الصحيفة نقلت عن السفير الإيراني في باريس تأكيده أن بلاده “ستستخدم كل الوسائل للدفاع عن سيادتها”، في وقتٍ أكدت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلامة المواقع من الإشعاعات، لكنها رصدت أضرارًا في البنى التحتية. لوموند رأت أن أوروبا تخشى اندلاع تصعيد جديد قد يهدد الأمن الجماعي.
صحيفة لا كروا، La Croix، عبّرت عن ارتباك الاتحاد الأوروبي حيال التطورات الأخيرة، مشيرة إلى أن بروكسل فوجئت بقرار الضربات. الصحيفة نقلت عن مصدر أوروبي رفيع قوله إن “واشنطن لم تنسّق مسبقًا مع الحلفاء”، وإن “فرنسا وبريطانيا وألمانيا شددت على ضرورة العودة إلى المسار الدبلوماسي”. في الوقت نفسه، حذّرت روسيا من خرق محتمل للقانون الدولي، فيما دعت الأمم المتحدة إلى ضبط النفس وتفادي التصعيد.