أخبارتقارير

نواكشوط: مطاردة الباعة المتجولين

بقلم محمد محمود الشيباني

يشهد قلب العاصمة نواكشوط حملة واسعة تشنها بلدية تفرغ زينة على الباعة المتجولين بهدف إخلاء الأرصفة، ضمن مسعى لتنظيم المجال العمومي وضمان انسيابية حركة المارة. ويعتبر هذا التصرف في محله لأن الأرصفة جزء من الفضاء العمومي المشترك، ولا ينبغي أن يتحول إلى أسواق مؤقتة تعيق الحركة وتتسبب في الفوضى وتراكم الأوساخ وتشوبه المظهر الجمالي للشوارع.

جميع الباعة المتجولين معرضين لمصادرة بضائعهم

ورغم وجاهة هذا الطرح من زاوية التنظيم المدني، إلا أن الجانب الاجتماعي للقضية يطرح إشكالات كبيرة، فالباعة المتجولون لا يمارسون هذه الأنشطة بدافع الفوضى أو التعدي، بل لأنهم ينتمون إلى فئات هشّة لا تملك موردًا ثابتًا، في ظل غياب فرص العمل والدعم الاجتماعي من الدولة. ويعني طردهم من الأرصفة عمليًا حرمانهم من مورد رزقهم الوحيد.

عندما يتم طرد الباعة المتجولين تبقى بعض الآثار والأوساخ

يتوجب على البلدية والجهات المعنية التعامل مع هذه القضية بشكل إيجابي يعكس روح المواطنة، بحيث لا يقتصر التدخل على الأجهزة التنظيمية فحسب، بل يشمل كذلك مصالح الشؤون الاجتماعية. فحل الإشكال يتطلب مقاربة تراعي البُعد الإنساني، مثل تخصيص فضاءات تجارية جديدة مهيأة لاحتواء هؤلاء الباعة، أو تقديم دعم عيني لهم لتخفيف وطأة الإجراءات الجديدة.

المكان المخصص للباعة الصغار لم يعد كافيا بالرغم من كبره

ولا يمكن فهم هذه الحملة بمعزل عن معاناة المتضررين من مشاريع البنى التحتية، في بعض المقاطعات، مثل “الحي الساكن” و”مدريد”، حيث ترتبت على فترة بناء الجسور آثارًا كارثية على أصحاب المحلات والباعة، دون تعويض أو حتى دراسة مسبقة للآثار الجانبية السلبية لتلك المشاريع. ويعكس هذا الوضع ضعفًا واضحا في أداء الإداريين، سواء من حيث غياب المبادرة أو من حيث تجاهل البعد الاجتماعي في التخطيط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى