مبررات الهدم وغضب السكان.. إليكم قصة الأنبوب الزاحف على المباني المحاذية لطريق “التيو”
نواكشوط – البراء أحمد سالم
آخر تحديث: 05/06/2025 - 2:23 م
3 دقائق
من مفوضية الزعتر غربا إلى وقفة توجنين شرقا يمتد طريق التيو الذي ربط العديد من الأحياء الشعبية بوسط العاصمة نواكشوط. ما أدى لسهولة التنقل بالنسبة لشرائح عديدة وأحدث حركية اقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية
لكن فرحة الناس بفك العزلة عن أحيائهم تحولت إلى غضب عارم وسيل من الشكاوى بعد أن قررت الدولة إزالة بعض المباني المحاذية للطريق,
والهدف من هذا القرار، هو تمكين وزارة المياه والصرف الصحي من مد أنابيب جديدة لتزويد انواكشوط بالمياه الصالحة للشرب.
وبحسب مالك مجمع السلامة -الذي يقع على طريق التيو من ناحية مستشفى الشيخ زايد- فإن ملاك الأرض الأصليين ترددوا على الحاكم مرات عديدة للنظر في قضيتهم.
لكن الحاكم اعتذر لهم قائلا إن “هذه أوامر عليا لا يمكنه التدخل فيها”.
وفي إحاطة نشرتها وزارة المياه والصرف الصحي مؤخرا فإن المشروع الذي وضع رئيس الجمهورية حجره الأساس يوم 20 نوفمبر 2024، بدأ تنفيذ مختلف مكوناته مباشرة، وأن التقارير الفنية تشير إلى أن وتيرة الإنجاز تسير وفق الجدول الزمني المحدد، دون تسجيل أي تأخر يذكر.
منازل مهددة بالهدم لمتطلبات مرور أنبوب مياه قادم من بحيرة إديني
أسباب فنية بحتة
وبحسب الوزارة، فقد تم اعتماد المسار الجنوبي لطريق الأمل لأسباب فنية بحتة، نظرا لوجود ثلاثة إلى أربعة أنابيب قائمة في الجهة الشمالية، ما يجعل المرور عبر الجهة الجنوبية الخيار الأمثل لضمان السلامة الفنية للمنشأة.
ويتضمن المشروع مد أنبوب رئيسي بطول 59 كيلومترا تبدأ من بحيرة إيديني بقطر 1200 ملم.
ولتنفيذ الأشغال في ظروف آمنة، تم تخصيص حيز بعرض 30 مترا، لوضع الأنبوب، ليس بغرض الإخلاء الكامل، وإنما لمنع أي نشاط أو إنشاء قد يؤثر سلبا على سلامة الأنبوب، وذلك وفقا لما تنص عليه القوانين المعمول بها.
الوزارة المعنية، أقرت بأن المشروع ستنجم عنه تأثيرات على بعض المنشآت الخصوصية الواقعة داخل النطاق القانوني، لكنها ستكون محدودة وأنه على الأشخاص تغليب المصلحة العامة.
وقالت الوزارة إن القطاع اعتمد مقاربة فنية مرنة تهدف إلى تقليص الأضرار إلى الحد الأدنى، وعدم المساس بأي منشأة إلا عند الضرورة القصوى، حتى وإن كانت داخل المجال المحدد قانونا.
ظلم وإجحاف
هذه الإحاطة يقابلها رفض من ملاك الأرض والمحلات، فقد أتتهم أوامر بالإخلاء والتنقل بعد العيد مباشرة، حسب “أعلي”، وهو صاحب محل الملابس الواقع عند ملتقى التيو.
ويرى اعل بأن هذا المشروع إذا كان سيحل مشكل أزمة المياه التي تعاني منها المدينة، فإنه حري بأصحاب الأرض تغليب المصلحة العامة، كما أنه على الدولة أن تعطي تعويضات مجزية للملاك وللمستأجرين الذين ستتعطل أعمالهم ردحا من الزمن.
وقد عبرت أُسر “الشيخ سيدي عبد الله” لموقع تحديث عن استيائها من هذا القرار المجحف والظالم حسب وصفهم. ذلك أن الشركة طلبت من أصحاب المزارع وأصحاب الأرض في المناطق النائية عشرة أمتار فقط، بينما طلبت من أصحاب الأرض في المناطق المعمورة 30 مترا.
ويقول السكان إن اللجان الفنية التي زارتهم أوضحت لهم بأن هذه الأنابيب ستربط بحيرة إديني بمضخة لكصر، ويرون أنه كان من الأولى للوزارة البحث عن مسار آخر.
من يعوض المستأجرين؟
وتساءل عبد القادر – وهو شاب مغربي يملك مجزرة في حيز الثلاثين مترا التي حددتها الوزارة- عن كيفية تعويضه، حيث أن الاستراتيجية المعتمدة تقضي بتعويض ملاك الأرض الأصليين فقط.
يوضح عبد القادر أن البيت الذي استأجره ، لم يكن مأهولا ولا محافَظا عليه نظرا لضعف إمكانيات صاحبه الأصلي، مما جعله يبذل الكثير من المال في صيانته.
ووفق نتائج المعاينات الميدانية للوزارة، لن يتم إزالة أي مبنى إلا للضرورة القصوى، وستقتصر عمليات الهدم على بعض الأسوار غير المأهولة وعدد محدود من المباني المتفرقة،
وتشدد الوزارة على انه تم اختيار مسار الأنبوب في المناطق السكنية بعناية وحذر شديدين تفاديا لأي تأثير على ممتلكات المواطنين.
إلى ساحة الحرية
واليوم الخميس، نظم عدد من سكان منطقة “شارع التيو” بمقاطعة دار النعيم، وقفة احتجاجية في ساحة الحرية وسط نواكشوط، للتعبير عن رفضهم لقرار صادر عن وزارة المياه يقضي بتخصيص حزام بطول 30 متراً جنوب الطريق، لتمرير أنابيب مشروع المياه القادم من إدين نحو العاصمة.
ويخشى السكان من أن يؤدي القرار إلى ترحيل مئات الأسر من منازلهم، حيث أكدوا تمسكهم بالبقاء في أراضٍ قالوا إنهم يملكونها منذ عقود، وأنهم لن يقبلوا بالترحيل سواء بتعويض أو بدونه، نظراً لما استثمروه فيها من جهود وأموال على مر السنين.