سانكارا يُخلّد بنصب تذاكاري في بوكينافاسو
في خطوة رمزية تعكس التوجهات السياسية الجديدة في بوركينافاسو، افتتحت السلطات في العاصمة واغادوغو يوم الأحد الماضي نصبًا تذكاريًا لتكريم الزعيم الثوري الراحل توماس سانكارا ورفاقه الاثني عشر الذين اغتيلوا معه عام 1987.
يأتي هذا الحدث في إطار جهود الحكومة العسكرية الانتقالية بقيادة النقيب إبراهيم تراوري لتعزيز السيادة الوطنية ومواجهة إرث الاستعمار .
تصميم النصب ومكانته الرمزية
تم تصميم النصب على شكل عين مع درجات تنازلية، ترمز إلى توماس سانكارا ورفاقه، وقد أُقيم في موقع اغتيالهم داخل مقر “مجلس التفاهم” في واغادوغو.
يشمل المشروع أيضًا متنزهًا يضم مطعمًا ومكتبة إعلامية وورش عمل، بهدف تخليد إرث سانكارا وتثقيف الأجيال الجديدة حول مبادئه في الحرية والعدالة الاجتماعية .
رمز الثورة والاستقلال
توماس سانكارا، قائد عسكري وزعيم سياسي أفريقي من بوركينا فاسو، حكم بلاده 4 سنوات وأجرى فيها تغييرات اقتصادية واجتماعية وأكسبها حضورا على المستوى الدولي في دعم قضايا التحرر.
اغتيل عام 1987 في انقلاب عسكري أطاح بحكمه، وتحولت شخصيته إلى أيقونة لدى أجيال من الأفارقة.
ويعتبر توماس سانكارا ملهما للأجيال الحالمة بالحريّة، وهو أول من قاد ثورة تهدف إلى تحقيق الاستقلال الحقيقي من النفوذ الاستعماري.
وأطلق برامج إصلاحية شملت مكافحة الفساد، تعزيز التعليم والصحة، وتمكين المرأة. كما غيّر اسم البلاد من “فولتا العليا” إلى “بوركينا فاسو”، أي “أرض الناس الطاهرين” .
الإرث الخالد
منذ توليه السلطة في عام 2022، يسعى النقيب إبراهيم تراوري إلى إعادة إحياء إرث سانكارا، من خلال تبني شعاراته الثورية، وتكريمه بلقب “بطل الأمة”، وإعادة دفنه في النصب التذكاري الجديد.
كما تم تغيير اسم أحد الشوارع الرئيسية في واغادوغو ليحمل اسم سانكارا، في خطوة تعكس التوجه نحو تعزيز الهوية الوطنية والانفصال عن النفوذ الفرنسي .
تحديات أمنية وإنسانية
رغم هذه المبادرات الرمزية، تواجه بوركينا فاسو تحديات أمنية وإنسانية كبيرة، حيث يسيطر المتطرفون على أكثر من 60% من الأراضي، ويعيش أكثر من مليوني شخص كنازحين داخليين، ويحتاج حوالي 6.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية .
يُعد افتتاح النصب التذكاري لتوماس سانكارا خطوة مهمة في مسعى بوركينا فاسو لإعادة بناء هويتها الوطنية وتعزيز السيادة، إلا أن التحديات الأمنية والاقتصادية تظل عقبة أمام تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.