
فتاة عثرت عليها الشرطة في شقة مع رجل في روصو، وأخرى أوقفتها على بعد أمتار من العبور نحو صحراء شمال مالي الشاسعة. لتكشف التحقيقات أنه لم تحصل في أي من الحالتين جريمة اختطاف، بل قضية هروب دوافعها ليست مجهولة للأسرة المعنية.
وفي قضية الهروب إلى شمال مالي بنية التوجه للجزائر، استعادت الشرطة الفتاة وأوضحت أنها كانت في طريقها لللحاق برجل ترتضي أن تعيش معه زوجة.
وما إن كشفت الشرطة حيثيات الهروب، حتى بدأت مصادر عائلية تعترف بأن أسرة الفتاة كانت تدرك أنها ليست مخطوفة، وإنها على علم بتواصلها مع شخص في الخارج.
أما في حالة شقة روصو، فتجاوزت الشرطة سرد الوقائع إلى توضيح مسبباتها، قائلة إن محمد سالم ولد الخرشي كان تقدم لخطبة خديجة بنت محمد محمود ولد الصديق ولكن عائلتها رفضت زواجهما.
ويبدو أن الشرطة قد ضاقت ذرعا ببلاغات عن خطف الفتيات؛ يقود التحقيق فيها لهروب طوعي من أجل الزواج برجال سبق أن حاولوا إتيان البيوت من أوابها ولكنها أغلقت في وجوههم.
تجنب الفضائح
في تعليق لموقع تحديث؛ تقول مريم بنت إبراهيم إن هذه الظاهرة ليست جديدة بل كانت موجودة، وإنما سلطت عليها الأضواء حاليا وباتت أكثر نظرا لحرية المرأة.
وتنادي بنت إبراهيم بأن تتحدث الأسرة مع الفتاة لتوضح لها أن الرجل لا يناسبها من حيث معايير الكفاءة الاجتماعية، وإذا أصرت على الارتباط به فإن الأفضل الاستجابة لتجنب مثل هذه الفضائح وتحويل مشكل أسرية إلى قضية رأي عامه.
وتلاحظ بأسف أن الكثير من فتيات اليوم لا يقمن وزنا لمعايير المجتمع ولا يهمهن الأذى الذي يلحق بأوليائهم نتيجة الزواج من رجال غير أكفاء لهن.
كذلك ترى لالة بنت التار أنه ينبغي تزويج الفتاة بأي رجل تريده على عجل، مبدية انزعاجها من هذه المسلكيات.
أما أسماء، فقد وجهت شكرا خاصا للشرطة لتعرية هذه الظاهرة وشرح أسبابها للرأي العام، وترى ان مثل هذه الأمور ينبغي كشفها للعلن حتى تحافظ الأسر على أبنائها وبناتها.
وتختم أسماء تعليقها بالقول إن المسلسلات التركية والهندية بدأت تؤتي مفعولها في المجتمع الموريتاني.
طبقية المجتمع
وربط كثيرون هروب الفتيات برفض الأهالي تزويجهن ممن هم دونهم في التراتبية الاجتماعية، في مجتمع طبقي بشكل كبير.
ووفق مختصر خليل -وهو عمدة المذهب المالكي المعتمد في موريتانيا- فإن إن “الكفاءة الدين والحال ولها وللولي تركها“.
ويعني “الدين” هنا المماثلة في التدين فلا تتحقق الكفاءة بين الرجل الفاسق والمرأة الملتزمة بتعاليم الإسلام.
وأما الحال فتعني السلامة من العيوب التي توجب لها الخيار في الزوج، لا الحال بمعنى الحسب والنسب، “وإنما تندب فقط “، كما في شرح سيدي أحمد الدرديري لمختصر خليل.
وسبق للعديد من الفقهاء الموريتانيين أن حذروا من العضل وطالبوا الأسر بعدم التشدد في شروط الكفاءة، وذلك لدرء المفاسد المترتبة على عدم الزواج.
ويبدو هذا الرأي أقرب للمدون سالم محمد الذي طالب القضاء بتزويج أي فتاة برجل ترضاه لنفسها بغض النظر عن موقف أسرتها، وذلك حفاظا عليهما من الوقوع في الحرام.
وكذلك علق سيدي يحيى ولد أحمدنٓ بالحديث الشريف “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه… إلا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير“.

التربية والأجندات النسوية
لكن الباحث الشرعي باب أحمد ولد أدي يربط هذه الظاهرة بضعف الأسر وتفككها ، ما أوجد بيئة خصبة لأصحاب الأجندات والنسويات لتحريض الفتيات على الدين والمجتمع، على حد قوله.
وفي حديث “لموقع تحديث”٫ لفت ولد ادي إلى أن هذه الحالات لا يمكن ربطها بالعضل الذي يعني تكرار رفض الفتاة من الزواج ممن يناسبها مما يعرضها للعنوسة، بينما في هذه الحالات نحن أمام فتيات صغيرات ومنهن القاصر.
وهذا الطرح، الذي ذهب إليه الباحث ولد أدي يتفق مع رأي سيدات في تعليقهن على ظاهرة هروب الفتيات من أجل الارتباط برجال ترفضهم عوائلهن.
وفي تعليق على بيان الشرطة؛ ربطت توتو هذه الظاهرة بالتفريط في تربية الفتيات وعدم رقابتهن أسريا؛ “وعندما يتقدم لها رجل يتذكرون كلام الناس والمجتمع وما يليق وما لا يليق.. بينما أساس المشكلة سوء التربية“.
كذلك تقول رقية بنت محمود لموقع تحديث إن المشكلة تعود إلى التربية السيئة وانفتاح الأسر، وتشدد على أن العوائل أدرى بمصالح بناتها.
وبالفعل، فإن بعض الفتيات، يتم إغواؤهن من رجال ليسوا على قدر كبير من المسؤولية، ولا يمكن للفتيات الصغيرات إدراك خطورة الارتباط بهم.
حوتبدو بنت أغيلاس أكثر تشددا وتمسكا بالتقاليد إذ ترفض كليا نقاش فكرة تزويج الفتاة ممن دونها في الكفاءة، قائلة “إلين يتماسو الجلود يتكادو الجدود” بمعنى أن تمتع أن لمس الرجل للمرأة يعني آنه بات في نفس مقام أسلافها حسبا نسبا.
وفي تعليق لموقع تحديث؛ تعيد بنت آغيلاس ظاهرة هروب الفتيات إلى تدني المستوى الثقافي وغياب الوازع الديني، والتأثر بالمسلسلات والانفتاح الغربي.
طبقية المجتمع


