الدولار والواتس آب والمهندسون.. هكذا يعمل حزب الله بفاعلية بعد الحرب

بعد أن حزنت كثيرا لمقتل ابنها الضابط في حسب الله، وجدت أم حسن العزاء في أمرين: الأول أنه اختار هذا المسار بنفسه. والثاني أن أطفاله سيتلقون تعليما جيدا ورعاية متميزة من مؤسسة الشهداء التابعة للحزب.
وأم حسن واحدة من عدة أشخاص تحدثوا لصحيفة فايننشال تايمز في تقرير أعدته عن قرى جنوب لبنان حول الآليات التي يعمل بها حزب الله لتعويض المتضررين من العدوان الإسرائيلي الأخير.
تقول السيدة أم حسن إن حزب الله لا يترك أحدا من أنصاره على قارعة الطريق.
وتنقل الصحيفة أن حزب الله كان إلى حد قريب القوة الأولى في لبنان على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية.
لكن حرب 2024 كلفت الحزب ثمنا باهظا. حيث اغتالت إسرائيل أمينه العام حسن نصر الله والعديد من القادة البارزين. كما دمرت الغارات الإسرائيلية العديد من مقدرات الحزب العسكرية والاقتصادية، وأضعفت نفوذه السياسي في المحصلة.
وبعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتلقي إيران ضربات إسرائيلية مؤلمة، يتحتم على حزب الله التحول من قوة إقليمية إلى مجرد مكون محلي في لبنان، وفق الصحيفة.
شبكة واسعة
لكن فايننشال تايمز من خلال جولة في قرى لبنان، اكتشفت أن مؤسسات حزب الله الاقتصادية والاجتماعية ما تزال تعمل بفاعلية.
يمتلك حزب الله شبكة واسعة من منظمات الرعاية الاجتماعية. بما في ذلك المدارس والمستشفيات.
ومن أبرز مؤسسات الحزب “جهاد البناء”، التي نشرت مئات المهندسين لمسح المنازل المتضررة والبدء في إصلاحها .
وقال نسيب حطيط، وهو أكاديمي مقرب من الحزب، إن “حزب الله يطرح على نفسه أسئلة حول هيكله التنظيمي، لأن دوره تغير، وتغيرت المهمة من إقليمية إلى محلية”.
وقد تحدثت الصحيفة مع أكثر من 20 شخصًا حول كيفية قيام حزب الله بتعزيز قاعدته. بما في ذلك المسؤولون المحليون والسكان الذين يستفيدون من نظام الرعاية الاجتماعية للمجموعة والأشخاص الذين لديهم معرفة بتفكير الحزب.
ففي الجنوب المدمر، تم تعيين لجنة تضم نحو 12 مهندساً لكل أربع أو خمس قرى، وفقاً لمسؤول محلي.
ووفقاً لمؤسسة “جهاد البناء”، فقد قامت هذه اللجان بفحص أكثر من 270 ألف منزل حتى أواخر يناير/كانون الثاني.
400 مليون دولار
وبعد مراجعة التقييمات، يُطلب من السكان استلام شيكات التعويض الخاصة بهم وصرفها في فرعهم المحلي لمؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله، والتي تعرضت أكثر من ثلاثين فرعاً منها للقصف الإسرائيلي.
تقول الصحيفة إنها استعرضت رسائل أرسلها مسؤول محلي في حزب الله إلى مجموعة واتساب لسكان قرية بجنوب لبنان
وهذه الرسالة عبارة عن صفحات متعددة من جداول البيانات كاملة بالأسماء وأرقام التسجيل.
وقال المسؤول في ملاحظة صوتية: “مرحباً بالجميع، هذه هي أسماء الأشخاص الذين وصلت شيكاتهم. يمكنكم القدوم واستلامها غدًا صباحًا”.
وبحسب صحيفة الأخبار المؤيدة لحزب الله، فقد وزع الحزب تعويضات بقيمة 400 مليون دولار على ما يقرب من 140 ألف شخص.
يتلقى الأشخاص الذين فقدوا منازلهم بالكامل ما بين 12 ألف دولار و14 ألف دولار، وهي مبالغ مخصصة لتغطية إيجار عام في مكان آخر وأثاث مدمر.
ورغم فاعلية هذه المؤسسات في حصر الأضرار وتعويضها، فإن البعض وحتى في معاقل حزب الله في البقاع يشتكي من ممارسات شحيحة أو بطيئة في تقييم الأضرار والتعويض عنها.
على سبيل المثال، دُمر منزل أحمد في بعلبك عندما استهدف صاروخ إسرائيلي الشقق الواقعة أسفله، والتي قال إن صاحب المنزل كان يؤجرها لأعضاء الجناح العسكري لحزب الله.
كان متأكداً من أن الضرر بقيمة 10 آلاف دولار على الأقل، لكن الشيك الذي وصل كان بقيمة 2500 دولار فقط.
العمل المتواصل
وقال حزب الله لصحيفة فاينانشال تايمز إن فرقه تعمل ليل نهار”. و “عندما يجد الناس أن هناك مشكلة في مبلغ التعويض، فإنهم يعترضون ويتم النظر في اعتراضهم إذا كان مبررًا”. “سيحصل الجميع على ما يستحقونه”.
وأشاد سكان الجنوب بالرعاية الطبية المجانية التي تقدمها منظمات الصحة التابعة لحزب الله، والمساعدات المالية التي تم توزيعها على النازحين طوال فترة الحرب.
ويقول حسين كمال الدين – وهو مسؤول محلي في قرية صريفا الجنوبية إن الشبكات المحلية للحزب سريعة الحركة.
وأضاف أن الحزب كان حريصاً على استرضاء المستفيدين منه وتهدئة الخلافات لأنه كان يعرف المخاطر.
وقال: “من الناحية العسكرية، استُنزف حزب الله. إنهم بحاجة إلى الوقت. ولكن لديهم مؤسسات”.
ولكن كثيرين يقولون إن حزب الله وحليفته إيران يفتقران إلى الوسائل اللازمة لقيادة إعادة الإعمار هذه المرة، نظراً لحجم المهمة. فقد تسببت الحرب في أضرار مادية لا تقل عن 3.4 مليار دولار، وفقاً للبنك الدولي.