هل زيارة غزواني للمغرب إعلان مرتبك لانضمام موريتانيا لمبادرة الأطلسي المغربية؟
تشهد منطقة شمال إفريقيا تحولات جيوسياسية متسارعة، أبرزها إعلان المغرب عن “مبادرة الأطلسي” في تاريخ 6 نوفمبر 2023 وهي مبادرة ملكية رامية لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي. ففي الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء. أكد استعداد المغرب لتقديم دعمه عبر إتاحة البنية التحتية الخاصة بالطرق، والموانئ، والسكك الحديدية. وأكد الملك أيضًا ضرورة تطوير البنية التحتية في دول الساحل وربطها بشبكات النقل والاتصالات الإقليمية لضمان نجاح هذه المبادرة، بهدف تعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة وتحسين التواصل والتجارة بين دول الساحل والعالم الخارجي. وهي مشروع استراتيجي يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول المطلة على المحيط الأطلسي في مجالات الاقتصاد، والأمن، والتنمية المستدامة.
وتسعى هذه المبادرة إلى خلق فضاء إقليمي جديد يُعزز النفوذ المغربي في المنطقة الأطلسية، مع تقديم شراكات واعدة للدول المشاركة.
وتعتمد المبادرة على ثلاثة محاور رئيسية:
1. التعاون الاقتصادي: تعزيز التجارة والاستثمار بين الدول الأطلسية، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والصيد البحري.
2. الأمن الإقليمي: مواجهة التحديات المشتركة، مثل الإرهاب، الهجرة غير النظامية، والجريمة المنظمة.
3. التنمية المستدامة: دعم المشروعات البيئية والاجتماعية لتحسين ظروف العيش في المناطق الساحلية.
ومع أن المبادرة لم تشمل موريتانيا رسميًا حتى الآن، فإن السؤال المطروح هو: هل ستنضم موريتانيا إلى هذه المبادرة؟ وهل لزيارة الرئيس غزواني للمغرب علاقة بذلك؟ وما انعكاسات ذلك على علاقاتها مع الجزائر والمغرب؟.
زيارة الرئيس بين الارتجال والارتباك.
يحتار المتابع للشأن الوطني كيف يصف زيارة الرئيس غزواني للمغرب والتي رافقه فيها مدير تشريفاته مما يوحي بطابع الرسمية. فهي الموسومة من طرف موقع الرئاسة أولا بأنها زيارة خاصة وأنه تناول فيها مع جلالة الملك مجموعة من القضايا من بينها تعزيز علاقات التعاون المشترك ثم حذف الخبر واستبدل ببيان يوضح أنها كانت زيارة سلام وعيادة. هذا الارتباك لم تسلم منه تصرفات الرئيس وتعاطيه مع البروتوكول فقد انحنى لعسكري الاستقبال وصافحه بالقفاز!
الدبلوماسية الموريتانية المرتبكة لا تريد أن تغضب الجزائر فتحاول التكتم على الزيارة وإظهارها في ثوب اجتماعي خاص في حين أن التكنهات تقول إن محاولة التعتيم والتبسيط تعني أن وراء الأكمة ما وراءها. فكما هو معروف في الإعلام فإن نفي الخبر لا يعدو كونه خبرا ثانيا قد يؤكد الخبر الأول.
موريتانيا الكعكة التي يتنافس عليها المغرب مع الجزائر:
لفت أنظار المراقبين ازدياد كبير في التنافس بين المغرب والجزائر، حيث جاءت زيارة رئيس مجلس النواب المغربي لنواكشوط تالية لزيارة رئيس البرلمان الموريتاني للجزائر قبل ذلك بأسبوع؛ وتم بشكل متقارب، تأسيس فريقين للصداقة أحدهما بين المغرب وموريتانيا، والثاني بين موريتانيا والجزائر.
الجزائر، التي تُعد المنافس التقليدي للمغرب في شمال إفريقيا ترى في مبادرة الأطلسي محاولة لتهميش دورها الإقليمي. والجزائر ليست دولة أطلسية، مما يعني أنها مستبعدة جغرافيًا من المبادرة، لكن تأثيرها الإقليمي قد يتراجع إذا نجح المغرب في بناء تحالف أطلسي قوي.
هل زيارة الرئيس تأشيرة دخول لمبادرة الأطلسي؟.
في تحليلي الخاص واستنادا لما ذكر الديوان الملكي من أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ناقش خلال زيارته الخاصة/الرسمية ملفات مهمة تقودها المملكة المغربية في المنطقة أبرزها ما يعرف يمبادرة العاهل المغربي محمد السادس، لتعزيز ولوج بلدان الساحل الحبيسة إلى المحيط الأطلسي، من خلال التعاون جنوب – جنوب الذي يقوم على أساس شراكة رابح – رابح.
وبالنظر أيضا إلى استقبال الرئيس من طرف جلالة الملك محمد السادس، بعد انقطاع دام لأكثر من عقدين من الزمن رغم قرب المسافات والارتباط الاجتماعي والثقافي، والذي تفسره القراءات التحليلية أنه عزوف ملكي عن استقبال غزواني خلال السنوات الماضية والاكتفاء بمستوى محدود من المستوى السلطوي رغم محاولاته المتكررة للقاء الملك محمد السادس، مما يعني أن قبول الملك محمد السادس استقباله في الظرف الحالي ، هو قبول موريتاني ضمنّي للدخول في دول الساحل الأفريقي المنضوية تحت مبادرة الأطلسي التي تقودها المغرب!
إذا لم يكن الأمر كذلك فما الذي يفسر عدم زيارة غزواني للمغرب وهو الماد يده للجميع ومستعد لحضور كل شيء حتى ولو كان التخليد السنوي لضحايا تشايروي في السنغال! فما الذي يمنعه من زيارة المغرب إن لم يكن اشتراط المغرب انضمامه لمبادرة الأطلسي؟
الكاتب والمحلل السياسي سلطان البان