
المهندس الناجي مايابى
قطاع البنى التحتية والطرق والمنشأت، هو الركيزة الأساسية لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة . وتقاس به درجة النمو والتقدم، حيث تساهم المطارات والموانئ والطرق والجسور والسكك الحديدية و تجهيزات الدولة في تسارع عجلة التنمية.
ويلاحظ في موريتانيا تباطؤ في النمو العمراني وغياب مشاريع البنى التحتية القومية والاقتصادية المهمة وندرة البناء العمودي، وغياب تناسق المظهر المعماري ورداءة أغلب الموجود منه.
وينعكس ذلك جليا في مقار إدارات الدولة المؤجرة والطرق والبنى التحتية التعليمية والصحية والخدمية.
من أهم المشاكل المعيقة والمطروحة في هذا القطاع مايلي:
1 – تأخر تسليم مشاريع الدولة
من أبررز الأسباب التي تعيق مسار التنمية تأخر المقاولين في تسليم المشاريع في الآجال المحددة. حيث إن أغلب المشاريع قيد الانشاء متأخرة، ما سبب في المحصلة تأخيرا في خطط التنمية الحضرية والريفية.
يعود هذا الواقع، إلى التعاقد مع شركات غير قادرة ماليا وفنيا على تنفيذ المشروع. وكذلك العروض المالية العشوائية دون دراسة، وغياب الكادر البشري الكفؤ، والاعتماد على غيرهم في تنفيذ المهام الهندسية.
2- عدم مراعاة المعايير الفنية
إن عدم الالتزام بالمعايير الفنية يمكن أن يؤدي إلى:
- -تشييد مبانٍ غير آمنة، مما يزيد من احتمالية حدوث انهيارات أو انهيار جزئي للبناء، وبالتالي تعرض حياة السكان أو المستخدمين للخطر.
- -كما أن استخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات قد يؤدي إلى حوادث مثل الانزلاق أو سقوط أجزاء من المبنى.
- -زيادة التكاليف على المدى الطويل، فالمباني التي لا تتبع المعايير الفنية ستتطلب المزيد من الإصلاحات والصيانة المتكررة.
- -ومن أسباب هذا الوضع عدم تعاقد أصحاب المشاريع مع مهندسين وتقنيين أكفاء، وعدم تجهيز المعدات المحددة في دفاتر الشروط والالتزامات، وعدم الاعتماد على المختبرات المعتمدة في معرفة نوعية المواد.
3 -مهندسون على الأوراق فقط
أكثر من 80% من المهندسين والفنيين المقدمين في عروض الصفقات لا علاقة لهم بالعروض ولا الشركات المشاركة فيها.
إن الشركات تقوم بإدراج أسماء المهندسين فقط لتقوية الملف الفني. ويظهر ذلك في غيابهم في تنفيذ المشروع على مستوى الورشات والمكاتب والتنسيق مع أرباب العمل.
إن الرغبة في استغلال أسماء المهندسين في الملفات فقط تجعل الشركات تبحث عن شهادات وخبرات المهندسين بكل وسيلة، وقد تكون تلك الوسيلة إعلان اكتتاب من شركة مجهولة من أجل استغلال ملفاتهم في مشاريعها.
وأيضا تقوم هذه الشركات أحيانا بالبحث عن ملفات المهندسين والفنيين عبر العلاقات الاجتماعية، ومن ثم تدرجهم في مشاريع لا علاقة لهم بها.
من المهم أن يتم ذكر الأفراد المشاركين في أي عرض فني أو مشروع بشكل دقيق وواقعي، حيث إن احترام المهنيين وضمان مشاركتهم الفعلية يعزز من جودة العمل ويضمن التزام الجميع بالمعايير الأخلاقية.
4 خلل على مستوى لجان الصفقات العمومية
حيث تعتمد بعض اللجان العرض المالي الأقل بدون مراعاة تقييم الملف الفني وغياب الرقابة البعدية الفنية ومطابقة الملف الفني لما هو على الأرض.
بعد اختيار المتعهدين وتوقيع العقد، يجب أن تتابع لجنة الصفقات تقدم المشروع بشكل دوري. هذا يشمل مراقبة التقدم الزمني والمالي، وضمان الامتثال للمواصفات الفنية.
5- فوضوية الحصول على إذن البناء
لكي تحصل على إذن بناء منزل في أي دولة في العالم، لابد لك من ملف فني يحتوي على كل المخططات الضرورية. لكن في موريتانيا الأمر يختلف فقد لا تحتاج إلى ذلك.
مما ساهم في الفوضى المعمارية وعدم تناسق البناء. كما أنتج أيضا غياب دور المهندس في حياة المواطن فغابت ثقافة البناء الحضاري الصحيح.
الحصول على إذن البناء يساعد السلطات المحلية في مراقبة وتوجيه سير عملية البناء من بداية المشروع وحتى الانتهاء منه. وهذا يضمن أن المشروع يسير وفقًا للمعايير والجدول الزمني المحدد.
قانونيا وتنظيميا، قامت الدولة بخطوات مهمة لإصلاح هذا القطاع من قبيل.
* إقرار قانون إلزامية المخططات المعمارية في كل طلب لأذونات البناء
* إنشاء منصة لتصنيف الشركات
*تمثيل مكتب المهندسين في لجنة تصنيف الشركات والمكاتب
*مكافحة الفساد الذي هو في جزءه الكبير مرتبط بصفقات البناء
لكنها عمليا لم تقم بأي خطوة، لتصحيح هذه الفوضى المعمارية التي تضرب بأطنابها، رغم أن البلد يعج بالمهندسين.
ورغم أن منتديات البناء والأشغال العامة المقامة حضرها رئيس الجمهورية، دونت مخرجات مهمة منذ مايقارب 3 سنوات بتاريخ (20/09/2021) فإنها لم تطبق على أرض الواقع.