تحقيقاتتقارير

500 مليون وديوان وإدارات.. تهم فساد تلاحق جامعة المحظرة التي لا يتجاوز طلابها 130

تنفق عليها الدولة أكثر من نصف مليار سنويا. وتم إنشاؤها بدعم مالي إماراتي قيل إنه يبلغ 15 مليون دولار. وفي ذات الوقت لا يتجاوز طلابها في جميع المستويات 130.

القصة الغريبة تتعلق بجامعة المحظرة  الكبري في أكجوجت..

وبينما تضم هذه الهيئة أعدادا من المديرين ورؤساء المصالح، وجيشا من الموظفين والأساتذة، فإنه لم ينتسب لها هذا العام سوى 29 طالبا فقط.

وقبل أيام، قررت وزارتا الشؤون الإسلامية والتعليم العالي إرسال لجنة مشتركة إلى مدينة اكجوجت نهاية الأسبوع الجاري، للاطلاع على حقيقة جامعة المحظرة التي عجزت إدارتها عن تسويقها.

وقد تأسست جامعة المحظرة بموجب المرسوم الصادر في 22 مايو/أيار 2019 بدعم إماراتي، وذلك في نهاية عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

وبالتزامن مع توجه الدولة نحو الاكتفاء الذاتي في مجال التعليم الجامعي، كشف وزير التعليم العالي والبحث العلمي في موريتانيا الدكتور يعقوب ولد امين عن بعض الحقائق المتعلقة بجامعة المحظرة، التي تنفق عليها الدولة مئات الملايين سنويا.

وتلخصت هذه الحقائق في أن الجامعة تشهد نفورا من مختلف طلاب التعليم العالي، وعدد الموجهين إليها يفوقهم تلاميذ فصل دراسي في إحدى المدارس الابتدائية المهجورة.

وفي تصريحات له عبر التلفزيون، قال وزير التعليم العالي إن المشكلة الوحيدة التي طرحت في مؤسسات التعليم العالي هي في جامعة اكجوجت حيث لم تستقطب سوى 29 طالبا، بينما اختار المتفوقون وغيرهم المعهد العالي وجامعة لعيون.

واعتبر الوزير أن الجامعة لم تستطع أن تسوق نفسها وتعهد بالعمل على معرفة أسباب هذه المشكلة.

وفي الحين الذي يتجاوز مجموع طلاب المعهد العالي 6 آلاف طالب، فإن إجمالي منتسبي جامعة اكجوجت  في جميع سنواتها وتخصصاتها لا يتجاوز 130 طالبا، حسب مصدر مأذون صرّح ل”موقع تحديث”.

وفي مسابقتها هذا العام، تساهلت مؤسسة المحظرة مع المتسابقين، حيث قبلت من كانت معدلاتهم 7 درجات من 20، من أجل أن تجد من يقتنع بها.

ومجموع منتسبي هذه الإدارة، يشكل 7% من طلاب السنة الأولى في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية حسب بيانات لجنة توجيه الطلاب في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

مبالغ ضخمة لتمويل لم ير النور.

في يوم 6 مارس/آذار 2020 أشرف الأمين العام لوزارة الشؤون الإسلامية رفقة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة على وضع حجر الأساس للمؤسسة.

وفي الأول من شهر فبراير/شباط 2022 زار والشؤون الإسلامية السابق الداه ولد سيدي أعمر طالب جامعة المحظرة بمناسبة انطلاق الدروس.

وكان الوزير مصحوبا بوفد كبير من ضمنه سفير دولة الإمارات العربية المتحدة ومستشار رئيس الجمهورية أحمد ولد النيني.

وقد شكر الوزير حينها الأشقاء في الإمارات على الدعم المشهود.

ووفقا لما نقله موقع اسكاي نيوز وعدد من الصحف الإماراتية، فإن دولة الإمارات شرعت في تجهيز مبنى الجامعة بعدما أنجزت دراسة مالية لتكلفة تشييده.

وقالت إن تكلفة الإنشاء بلغت 12.5 مليون دولار أمريكي، أي 5 مليارت أوقية قديمة، فيما بلغت تكلفة التجهيز 2.5 مليون دولار، أي مليار من الأوقية القديمة.

وقالت الصحافة الإماراتية إن أشغال البناء ستنتهي في غضون 24 شهرا، لكن المبنى لم يرى النور وما زالت الجامعة في بيوت من الألمنيوم والخشب، وتستغل مبنى قديما هجره حاكم المقاطعة بعد انتقاله للمبنى الإداري الجديد.

ميزانية ضخمة وجيش من الموظفين

ومن دون الدعم الذي تقدمه دولة الإمارات للجامعة، فإن الميزانية المقدمة من موريتانيا للجامعة تزيد على نصف مليار أوقية قديمة، حيث بلغت هذا العام 568 مليون أوقية.

وحسب معلومات حصل عليها “موقع تحديث” فإن المدير العام وقع على عديد العقود ومذكرات التعيين.

ورغم أن الجامعة لم تعلن عن اكتتاب عام للموظفين الإداريين، فإن بها عشرات الوظائف الإدارية التي دخل أصحابها دون مسابقة.

وقد عين المدير العام 3 مستشارين اثنان منهم ليسوا أساتذة في الجامعة.

وتضم هيكلة الجامعة مجلس إدارة، وإدارة عامة تتألف من مجلس إدارة ومدير عام ومدير مساعد ومدير أكاديمي ومستشارون، وعدد من المديرين.

وتوجد بها مديريات متعددة مثل مديرية المصادر البشرية، ومديرية المكتبة، كما تضم مراكز جامعة مثل مركز الخدمات الجامعية ومركز اللغات، وكذلك منسقيات ورؤساء أقسام علمية وتربوية.

ويتم منح المديرين والمستشارين ورؤساء المصالح والأقسام جميع الامتيازات المقررة في نظام التعليم العالي.

وتتبع للمدير العام عدد من المصالح، ويوجد بها عشرات الأقسام الذين يفوق عددهم الطلاب الموجهين هذه السنة للمؤسسة.

ورغم أن الجامعة تكاد تخلو من الطلاب بالمستوى الجامعي، فإنها امتلأت بالمناصب، ويقول الأساتذة إنها أصبحت ” جامعة الوظائف”

ديوان خاص بالمدير العام

وفي المقرر الذي وقعه وزير الشؤون الإسلامية  الداه ولد أعمر طالب في 12 أغسطس/آب 2022 والقاضي بهيكلة إدارة جامعة المحظرة، فقد نصت المادتان 6 و7 على أنه يتبع للمدير العام مكتب ضبط يدير ديوان المدير العام.
ويتمتع صاحب الديوان برتبة مدير مركزي ويعينه المدير العام بنفسه.

ويضم ديوان المدير مصلحتين و4 أقسام، وتختص واحدة من المصالح بتشريفات المدير العام لجامعة المحظرة.

وقد نصت المادة 9 من المقرر الذي وقعه الوزير على أن مصلحة التشريفات تهتم بمراسم الاستقبال والضيافة الخاصة بالمدير العام.

كما تتولى مصلحة التشريفات الخاصة بالمدير تنظيم اتصالاته وتهيئة مواعيده.

ورغم أن الجامعة يقع مقرها في اكجوجت، فإن المدير العام يؤجر مقرا إداريا في ولاية نواكشوط الغربية.

تحايل وبحث عن زيادة الوظائف.

في عام 2022 نظمت جامعة المحظرة مسابقة لاكتتاب 22 أستاذا جامعيا، وحسب محاضر نشرها الدكتور سيدي عالي ولد القاسم، فإن المؤسسة حذفت اسمه رغم نجاحه بتفوق وجعلت مكانه شخصا آخر.

وبينما تشهد الجامعة نفورا من الطلاب فإنه يوجد في المؤسسة 19 أستاذا جامعيا.

وحسب مصدر تحدث لموقع تحديث فإن الجامعة يوجد بها 30 أستاذا متعاونا أغلبهم ليس موجودا على أرض الواقع.

لكن هذا الكم الذي يتولى تدريس 130 طالبا فقط، لم يغن الجامعة من البحث في الحصول على اعتمادات من أجل توظيف أساتذة جدد.

ففي رسالة موجهة لوزير الشؤون الإسلامية وقعها المدير العام للجامعة الدكتور محمد تقي الله ولد الطالب جدو بتاريخ 22 أغسطس/آب 2022، فإن المدير يأمل من الوزير أن يخاطب الجهات المعنية لاكتتاب 13 أستاذا جديدا.

وأكد المدير العام في الرسالة أن مؤسسته بحاجة إلى 45 أستاذا وتلزمها اعتمادات مالية.

إدارة منتهية الصلاحية

ويقول الأساتذة إن الجامعة تعمل خارج الأطر القانونية المعمول بها في التعليم العالي، إذ لم يتم تغييرها منذ فترة التأسيس عام 2019.

وتنص المادة 29 من قانون التعليم العالي على أنه يعين على مؤسسات العليم العالي العمومية مديرون من بين المدرسين لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

ويشغل المناصب الإدارية العليا في الجامعة بعض الأشخاص الذين تجاوزت مدتهم السنوات المحدودة، كما أن بعضهم لا علاقة له بالمؤسسة ولا تربطه صلة بقطاع التعليم العالي.

وبين عامي 2019 -2024 تم تغيير رئيس جامعة نواكشوط، والتجديد لرئيس جامعة العلوم الإسلامية، وتعاقب 4 مديرين على المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.

لكن إدارة جامعة المحظرة منذ أن تم تعيينها في عهد الرئيس السابق لم يغير أي من أشخاصها.

وسابقا، أدركت وزارة الشؤون الإسلامية عدم جدوائية المؤسسة وقررت نقلها لنواكشوط وبناء معهد للعلوم الشرعية في اكجوجت. وكان ذلك يوافق رغبة الممول الإماراتي، لكن جهات حالت دون تنفيذه.

وينظر بكثير من الترقب إلى ما ستقدمه اللجنة المشتركة بين الشؤون الإسلامية والتعليم العالي من مقترحات بشأن المؤسسة التي أصبحت عبئا على ميزانية الدولة. إذ تنفق عليها أكثر من نصف مليار، بينما لا يقتنع المقبلون على التعليم بالدراسة فيها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى