جاليات

الموريتانيون بتونس.. توليفة الطلاب والسماسرة والهاربين من الموت بمشافي نواكشوط

منذ بداية تأسيس الدولة الموريتانية، ظلت تربطها علاقات جيدة بتونس. ولم تستطع العواصف السياسية في المحيطين العربي والمغاربي أن تؤثر سلبا على التقارب بين البلدين.

تونس- سليمان أد

وانطلاقا من هذه العلاقات المتميزة، يمكن فهم طبيعة وحجم تواجد الموريتانيين في تونس، والذين يتوزعون إلى فئات عديدة أبرزها: الطلاب والتجار والسياح والمرضى الهاربون من الموت في مشافي نواكشوط.

لقد كانت تونس من أوائل الدول العربية التي اعترفت بموريتانيا حينما كانت تتعثر في خطواتها الأولى بحثا عن اعتراف إقليمي ودولي .

ولم تشهد علاقات البلدين أي تدن على المستوى السياسي أو الاقتصادي، طيلة مسارها الممتد لأكثر من سبعة عقود، رغم تبدل الأنظمة الحاكمة في قرطاج ونواكشوط.

5 روابط طلابية

يشكل الطلاب أبرز فئات الجالية في تونس، حيث يتابعون دراساتهم العلمية في مختلف التخصصات العلمية والطبية والمهنية والأدبية.

وتستضيف تونس سنويا 200 طالب موريتاني في مختلف التخصصات. وقد خرجت آلافا منهم في العقود الماضية. بعد أن درسوا في مدارسها وجامعاتها ومعاهدها، وهلوا من معين علم لا ينضب.

يتوزع هؤلاء الطلاب على جامعات تونس العاصمة وصفاقس وسوسة وبنزرت والمنستير..

وغالبا، يعود الخريجون إلى موريتانيا للمساهمة في نهضتها الخجولة، فيسهمون في تطوير القطاعين العام والخاص بنواكشوط.

حاليا، ينخرط الطلبة  الموريتانوين في تونس في خمس روابط، ينظمون من خلالها أنشطتهم ويطرحون عبرها مطالبهم ومشاكلهم:

  • -رابطة الطلاب والمتدربين الموريتانيين بتونس (العاصمة).
  • -رابطة الطلاب والمتدربين الموريتانيين بالساحل التونسي.
  • -رابطة الطلاب والمتدربين الموريتانيين ببنزرت.
  • -رابطة الطلاب والمتدربين الموريتانيين بالجنوب التونسي.
  • -رابطة الطلاب والمتدربين الموريتانيين بالمنستير.

تلعب هذه الروابط دورا كبيرا في خدمة الطلاب من خلال تقديم خدمات متعددة تلبي احتياجات الطلاب. وتعزز تجاربهم الأكاديمية وترشدهم حول التخصصات المناسبة عن طريق طلاب سبقوهم لتلك التخصصات في تونس.

كما تقوم بالمشاركة في عديد الفعاليات الثقافية، كالاحتفال بالأعياد الوطنية وتنظيم الرحلات الترفيهية والأنشطة الرياضية.

تعمل هذه الروابط كوسيط بين الطلاب والسفارة لحل المشاكل والصعوبات التي يواجهونها.

 

وقال الرئيس الأسبق لرابطة الطلاب والمتدربين الموريتانيين بتونس عبد الودود دداه إن الطلاب يعانون من عديد المشاكل. ومن أبرزها “تعامل السفارة الذي يتسم بالمزاجية”.

ومن المشاكل التي تحدث عنها دداه، تأخر المنح وطريقة صرفها. حيث يضطر الطلاب في المدن الداخلية للسفر إلى العاصمة لاستلام منحهم أو توكيل من يستلمها عنهم. بالإضافة لصرف المنحة بالدينار بدل اليورو وزيادة سعر الصرف بشكل غير مقبول.

ويؤكد دداه أن المنحة زهيدة ولاتلبي احتياجات الطلاب، “بل من المستحيل أن يعيش الطالب بمنحته دون تدخل من الأهل”.

وتحاول رابطة الطلاب والمتدربين الموريتانيين بتونس أن تستقبل أفواج الطلاب القادمين من نواكشوط مع بداية العام الدراسي. وتبذل في ذلك ما بوسعها من خلال توفير السكن المناسب لهم وتوجيههم للتخصصات المناسبة لهم.

إلا أن استقبال الطلاب هذا العام تأخر نتيجة لعجز الرابطة ماديا عن القيام بدورها. وبسبب غياب الدعم الذي يقدمه مكتب الجالية، بسب خلافات داخلية.

وفود السرطان والكبد

يعتبر الكثير من الموريتانيين -ولاسيما ذوي الدخل المتوسط- تونس وجهة  مفضلة للعلاج، نتيجة للتكاليف المتوسطة، مقارنة بالدول المجاورة كالمغرب والسنغال.

وتتزايد أعداد المرضى الذين يسافرون إلى تونس بشكل ملحوظ عاما بعد آخر، حتى سميت رحلة الخطوط الجوية الموريتانية إلى تونس بطائرة الإسعاف  (آنبلانص ambulance)، نظرا لكثرة المرضى القادمين على متنها للعلاج.

يصل هؤلاء المرضى محملين بأوجاعهم الجسدية وخيباتهم من المستشفيات الموريتانية قاصدين المرافق الصحية في تونس، التي تتوفر لهم رعاية صحية مناسبة لا تعترضها أي تعقيدات سياسية أو إدارية. نظرا لغياب التأشيرة بين البلدين وارتباطهما بعلاقات متميزة.

هؤلاء المرضى يتلقون العلاج من مختلف أنواع السرطانات التي تفتك بموريتانيا. إلى جانب أمراض القلب والكبد والسكري ومختلف المشاكل الصحية.

معظم الهاربين من الموت في مشافي نواكشوط، يتوزعون على حيين في العاصمة تونس:

  • -أبناء الطبقة الفقيرة يسكنون في “التحرير”، وهو حي شعبي حتى يخيل لزائره أنه في “تنسويلم”، فالشوارع والمساجد تعج ب”الدراعة” والملحفة”. والخضارون يتحدثون الحسانية أكثر من الموريتاني نفسه، والوجبات الموريتانية التقليدية متوفرة، وكذلك أتاي “بيجماته الثلاث”.
  •  -أبناء الطبقة الوسطى والغنية يفضلون “النصر”،  وهو حي كان يصنف على قائمة الأحياء الراقية في تونس.

فئات أخرى.. سماسرة وعائلات مستقرة

وينشط في تونس تجار وسماسرة موريتانيون، يتولى بعضهم تقديم الخدمات للمرضى والسياح، من قبيل توفير السكن والنقل وتصريف العملات.

في حين ينشط آخرون في شحن التمور والأدوية وبعض المواد الغذائية من تونس إلى موريتانيا.

ولا توجد أرقام حديثة عن حجم المبادلات التجارية بين البلدين، لكنها بلغت مليون 60 دولار في 2017.

وخلال الأعوام الماضية، نظم البلدان العديد من اللقاءات الهادفة، إلى تعميق التعاون الاقتصادي وتعزيز التبادلات التجارية.

وإلى جانب فئات التجار والطلاب والمرضى، اختارت عائلات موريتانية تونس سكنا دائما، ويتلقى أبناؤها التعليم في المدارس التونسية بمختلف المراحل.

مكتب الجالية.. إنجازات واتهامات

يتكون مكتب الجالية الموريتانية في تونس من 28  شخصا، ويجري تجديد رئاسته وهيئاته كل 4 سنوات.

وقال رئيس المكتب السيد الهادي إن “الكثير من المرضى يأتون إلى تونس ويصرفون الكثير من المال ثم يعجزون عن تكاليف العلاج مما يحتم على الجالية فتح مجال التبرع لإنقاذهم”.

وأضاف أن المكتب يقوم بالكثير من النشاطات منها دعم المرضى وتسجيل الأطفال في المدارس التونسية الابتدائية . إلى جانب النشاطات الثقافية والدينية كالاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف، وعيد الاستقلال..

وأكد رئيس الجالية أن مكتبها يقوم سنويا بكراء منازل للطلاب الجدد يسكنون فيها حتى يستقروا ويستأجروا بيوتا خاصة بهم.

وأضاف أن مكتب الجالية يقوم بدعم الطلاب في الأنشطة الثقافية والفنية.

لكن بعض الموريتانيين المقيمين بتونس يتهمون مكتب الجالية بعدم التوازن، نتيجة لما أسموه التمثيل المحدود لفئتي الطلاب والمرضى الذين هم عماد الجالية.

ويتهمون بعض أعضاء المكتب باستغلال امتيازاتهم وصفاتهم لأغراض شخصية بحتة.

ويشار إلى أن مأمورية المكتب الحالي انتهت في فبراير 2024. وكانت هناك خلافات داخل المكتب بشأن الآلية التي ستجرى بها انتخابات مكتب جديد.

ولاحقا، تم التغلب على هذه الخلافات. ومن المقرر تنظيم الانتخابات في ديسمبر المقبل، ويتنافس فيها ثلاثة مترشحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى