صحة

هل الفقراء أكثر عرضة لأمراض القلب؟

كان الاعتقاد السائد عن أمراض القلب والشرايين والجلطات هو أنها تصيب الأغنياء بالدرجة الأولى. لربطها في المقام الأول بافتراض كثرة تناول هؤلاء للحوم والأطعمة الغنية بالدهون.

لكن، في السنوات القليلة الماضية، توالت التقارير والدراسات حول الأسباب المتعددة لارتفاع أعداد المصابين بأمراض القلب والحالات المؤدية إلى الإصابة بها بين الفقراء.

وكانت آخرها دراسة أجرتها جامعة أكسفورد البريطانية، كشفت عن الاتجاهات المتغيرة والتحديات المستمرة في أمراض القلب على مدى السنوات العشرين الماضية.

وحلل الباحثون السجلات الصحية الإلكترونية لـ 22 مليون شخص. وشمل ذلك 1,650,052 شخصاً تم تشخيص إصابتهم حديثاً بمرض واحد على الأقل من أمراض القلب والأوعية الدموية بين عامي 2000 و2019، بمتوسط عمر 70.5 عام، منهم 48% من النساء.

ووجدت الدراسة أن الأشخاص في المناطق الفقيرة أكثر عرضة للإصابة بأمراض قلبية معينة بمقدار الضعف مقارنة بأولئك الذين يعيشون في المناطق الأكثر ثراء.

أمراض القلب أمراض الفقر

تحدثت معدة التقرير إلى اثنين من مرضى القلب: آمنة موسى (57 عاماً) من مدينة حلب السورية، وشريف إبراهيم (59 عاماً) من أربيل في كردستان العراق. ولاحظت أن هناك نمط حياة معيناً وبعض العادات المتشابهة بينهما.

كلاهما أجرى عملية توسيع الشريان التاجي في أوائل الخمسينات من العمر، ولم يستشيرا الطبيب إلا عندما شعرا بضيق التنفس أثناء بذل أقل جهد. وكلاهما يدخن، ويعيش أوضاعاً معيشية سيئة، ويفتقر إلى المعرفة الكافية لكيفية التعامل مع أمراض القلب أو سبب إصابته بالمرض.

تقول آمنة: “بعد أن أجريت عملية القلب، نصحني الطبيب بأن أمتنع عن تناول الأطعمة الغنية بالدهون وبعض النشويات كالبطاطس. لكن في كل الأحوال ليست لدينا رفاهية تناول اللحوم لا الحمراء منها ولا الدجاج ولا حتى المعلبات إلا ما ندر.

واستغربتُ كثيراً عندما تم إخباري بأن مستوى الكوليسترول مرتفع لدي. لأنني كنت أظن أن مثل هذه الأمراض تصيب فقط الأشخاص الذين يتناولون اللحوم والدهون بكثرة وليس أمثالي”.

ويقول شريف: “في ظل الظروف المعيشية السيئة وندرة فرص العمل لمن هم في مثل سني، باتت سيجارتي هي متنفسي الوحيد؟ فنحن نتغذى بالهموم وننام بها”.

آمنة وشريف ليسا إلا قطرة من بحر المرضى المصابين بأمراض القلب في البيئات الأكثر حرماناً.

المناطق الأكثر حرمانا

ويقول وليد صوالحة، استشاري أمراض القلب والشرايين في عمان، إنه بسبب “الفقر والحياة القاسية، يعاني سكان المناطق الأكثر حرماناً من التوتر النفسي والقلق الناتج عن قلة توفر فرص العمل وعدم وضوح المستقبل.

“لذلك أنصح بممارسة الرياضة بشكل منتظم لمعالجة التوتر والقلق النفسي وتحسين المزاج والاسترخاء وزيادة اللياقة البدنية، لينعكس ذلك بشكل إيجابي في التخفيف من حدة الأمراض التي قد تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والعمل على تأخيرها قدر المستطاع”.

ويضيف “لا بد أن يرافق ذلك وعي صحي بمخاطر التدخين وأسباب ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع نسبة الدهون في الجسم وما إلى ذلك”.

في الواقع، يمكن أن يؤدي الفقر إلى أمراض عديدة ليس فقط أمراض القلب، بسبب انخفاض فرص الحصول على الرعاية الصحية الكافية مثل السرطان والسكري وغيرهما.

أسباب أخرى

ويقول إياد النايب، استشاري جراحة الأوعية الدموية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية:

“هناك أسباب رئيسية للأمراض الوعائية وعلى رأسها: التدخين، ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول والسكري، بالإضافة إلى عامل البدانة”.

وبالرغم من التطور العلمي والتقني في علاج أمراض القلب والأوعية، إلا إن الوقاية تبقى العامل الأقوى في عملية العلاج.

ويقول النايب: “على الرغم من أن الأعراض المرضية قد تبدأ في منتصف العمر، إلا أن المرض بحد ذاته يكون قد بدأ بالوجود قبل عقد من الزمن، لذلك يكون لدينا الوقت الكافي للوقاية منه مبكراً”.

ويرى النايب أن الفقر أو الدخل المحدود، يعد عاملاً مهماً في ظهور أمراض القلب والأوعية والسكري والسرطان.

ولا ننسى نقص الرعاية الصحية المتاحة لسكان بعض الدول الفقيرة، وارتفاع نسبة المدخنين ضمن هذه الفئة له دور أيضاً.

ويضيف أن عامل التوتر المرتبط بالحياة القاسية يؤدي إلى ازدياد إفرازات بعض العوامل الكيمياوية في الجسم، ما يقود إلى ارتفاع ضغط الدم.

وينبه إلى أن النمط الغذائي غير الصحي قد يؤدي إلى زيادة الوزن والإصابة بمرض السكري اللذين يلعبان دوراً كبيراً في ازدياد خطر الإصابة بأمراض القلب”.

المصدر: بي بي سي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى