يحيى السنوار: عنوان لمسيرة مناضل لا يموت

حبيب الله ما يابى
يحيى السنوار مجاهد فلسطيني، وقائد حماسي، ومؤلف وروائي، جمع بين السيف والقلم. ومكث في سجون الاحتلال أكثر من 20 عاما. منه قاد المظاهرات، وفيه تعلم العبرية، وترجم الكتب وألفها.
ولد في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1962، وتوفي في شهر أكتوبر 2024 عن عمر بلغ 62 سنة.
وقبل عامين خرج في شاشات الإعلام يتضرع إلى الله أن يأخذه شهيدا. قائلا إن مفارقة الدنيا بسبب اغتيال العدو أحب إليه من جميع أسباب الموت الأخرى.
وبعد عمر حافل بالجهاد والتضحية في سبيل الحرية والوطن. كتب القدر للسنوار أن تكون نهايته كما تمنى. فكيف بدأت حياته؟
المولد والبدايات
بين مخيمات المهجرين والمشرّدين في جنوب قطاع غزة وبالتحديد في مخيم خان يونس. أبصر يحيى إبراهيم حسن السنوار نور الحياة في ال19 من أكتوبر/تشرين الأول 1962.
ولد في ضيق المخيمات وعاش على مضايقات الاحتلال واعتداءاته. فنشأ على بغض الإسرائيليين الذين هجروا والديه من مدينة ” المجدل عسقلان” في نكبة 1948.
ورغم ظروف الفقر التي عاشتها عائلته، فإن ذلك لم يمنعه من الالتحاق بقافلة بالمعرفة. إذ درس في التعليم النظامي، حتى أكمل مراحل الثانوية العامة في مدرسة البنين بخان يونس.
واصل تعليمة في الجامعة الإسلامية في غزة إلى أن تخرّج منها بدرجة الباكالوريوس ( المتزيز) في قسم الدراسات العربية.
مرحلة النضال
وفي مدرّجات الجامعة الإسلامية في غزة وبين صفوف طلابها. برزت شخصية أبو إبراهيم يحيى السنوار كواحد من الشباب المؤثرين والناشطين في الكتلة الإسلامية لطلاب الجامعة. والتي تحسب على فرع الإخوان المسلمين.
وبحكم الخطابة والجدية، وقوة الكاريزما، تقلد مناصب قيادية متعددة في الاتحاد الطلابي بالجامعة. وتكونت شخصيته القيادية والنضالية في تلك المرحلة.
وبعدما تم تأسيس حركة حماس لعب أدوارا بارزة في ملاحقة الجواسيس الذين يعملون لصالح الكيان الإسرائيلي. وارتبط مباشرة بمؤسس الحركة القائد الشهيد الشيخ أحمد ياسين.
بين السجون
خبر السنوار السجن في بداية شبابه. حيث تم اعتقاله عام 1982 وهو يدرس في الجامعة على خلفية قيادته للاحتجاجات الطلابية.
وبعد أحكام بالسجن متفاوتة، تم اعتقاله في يناير/كانون الثاني عام 1988 بتهمة خطف وقتل جنود إسرائليين. وحكم عليه بالمؤبد 4 مرات.
ومن داخل السجن قاد الهيئة العليا لأسرى حماس. ونظم إضرابات واحتجاجات فعوقب بالحبس الانفرادي.
وخلال إقامته رهن الاعتقال. انكب على الدراسة ومطالعة الكتب. وأتقن اللغة العبرية التي من خلالها تعمق في معرفة الفكر الإسرائيلي.
ومن داخل سجون الاحتلال، ترجم عددا من الكتب العبرية إلى اللغة العربية منها. :
– ترجمة كتاب الأحزاب السياسية الإسرائيلية عام 1992.
– ترجمة كتاب “الشاباك بين الأشلاء”.
– تأليف رواية “شوك القرنفل” وهو كتاب يسرد نضال الفلسطينيين من عام 1967 حتى انتفاضة الأقصى.
– تأليف كتاب ” حركة حماس التجربة والخطأ”. وهو كتاب يتناول حركة المقاومة الإسلامية وتجربتها وأهم المراحل التي مرت بها.
الخروج من السجن والعودة إلى المشهد
في عام 2011 خرج من سجون الاحتلال ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي “شاليط”.
وإثر إخلاء سراحه. انتخبته الحركة عام 2012 عضوا في المكتب السياسي لها، وبدأ في العمل الميداني منسقا ومشرفا وموجها.
وخلال هذا المرحلة، زار إيران وعمل على تقارب الفصائل الفلسطينية وتوحيد صفوفها.
وفي عام 2015 تركت له الحركة مسؤولية إدارة ملف الأسرى الإسرائليين لديها وأصبح قائدا للمفاوضات. فأظهر صلابته وشدته مع الاحتلال. حتى صنفته الولايات المتحدة الأمريكية في قائمة الإرهابيين الدوليين في نفس العام.
وفي سنة 2017 أصبح قائدا لحركة حماس في قطاع غزة. وبدأ يرسم خطة جديدة للتعامل مع الاحتلال تقوم على ثنائيتي الانتقام والمباغتة. حتى نفذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبعد اغتيال قائد المكتب السياسي الشهيد إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران. اختارته الحركة قائدا لها في يوم 6 أغسطس/آب 2024.
الاستشهاد
وبعد الكثير من محاولات الاحتلال الإسرائيلي للتوصل إليه. أصيب في قصف عشوائي في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2024. وتناثرت عليه حطام البنايات حتى ودّع الحياة.
وتم توثيق آخر لحظاته في الدنيا بأنه كان في ساحات الوظى مقبلا، وبائعا نفسه في سبيل أمته ووطنه.
وكعادة حماس مع كل قادتها، فإن شمس السنوار لن تغيب إلا بشمس أكثر إشراقا وإحراقا للإشرائيلين. كما لن يكون اختيار القائد البديل أمر صعب لأن حماس تعودت على التعامل مع شغور منصب الرؤساء.