
تشهد موريتانيا هذه الأيام جدلا ساخنا حول غسل الأموال وتبييضها. فيما لم تتضح بعد نتائج التحقيقات التي أجرتها لجنة خاصة حول ما بات يعرف بالأموال المشبوهة.
“تبييض الأموال” و”غسل الأموال” مصطلحان يحملان معنى واحدا هو: تحويل مال متأت من الجريمة إلى مال طبيعي، عبر طرق مختلفة.
ويقول جهاز الشرطة الدولية-الإنتربول:
“يتمثل غسل الأموال في إخفاء أو تمويه مصدر العائدات التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، بحيث يبدو أنها تأتت من مصادر مشروعة.
وغالبا ما يكون واحدا من مكونات جرائم خطيرة أخرى مثل الاتجار بالمخدرات أو النهب أو الابتزاز”.
مراحل غسل المال الحرام
ووفق تقارير دولية راجعها موقع “تحديث”، فإن عملية غسل الأموال تمر بمراحل معقدة تنشط فيها شبكات وعصابات متمرسة:
1 الحصول على عائد الجريمة
تتمثل المرحلة الأولى في حيازة المال المحرم، المتأتي من المخدرات أو الابتزاز أو السرقة، أو تزوير العملات، وغير ذلك من الأعمال الإجرامية.
لكن حيازة شخص للكثير من المال دون مبرر واضح، سيعني في المحصلة توجيه الاتهام له، ولتفادي ذلك يتم الانتقال للمرحلة التالية.
2 التحويل والإيداع
في المرحلة الثانية، يقوم المجرمون بتحريك الأموال غير المشروعة إلى وسطاء عبر حسابات بنكية أو صرافات تقليدية، ومن خلال هذا الإجراء يكون المال بدأ مرحلة التداول بعيدا عن “مسرح الجريمة”.
وتكتسي هذه المرحلة أهمية كبيرة ويرافقها الكثير من التعقيدات وخصوصا في الدول الغربية.
لكن الأمر ليس بتلك الصعوبة في أفريقيا وفي بعض الأسواق العربية. حيث تُمكّن السوق السوداء مبيضي الأموال من الحصول على البضائع الثمينة دون إجراء تحويلات مالية خاضعة لأجهزة الرقابة الحكومية والدولية.
ومن هذه النقطة نصل إلى:
3 دمج المال الحرام في السوق
عندما يتمكن المجرمون من إدخال بضاعة للسوق وبيعها، يكون المال الحرام اختلط فعليا بالمال المشروع. وتتحول عائدات الجريمة إلى ثروة قانونية من الناحية الشكلية.
ويعني الدمج محو “البصمة الإجرامية” أو طمس معالم الجريمة، وحينها يصعب على السلطات التمييز بين المال المشروع وغير المشروع .
وتوجد طرق عديدة لدمج الأموال غير المشروعة في السوق، ومن أهمها شراء العقارات، واستيراد السلع الثمينة وإنشاء الشركات الوهمية.
وهناك عوامل أخرى تساعد في تبييض سجلات الأشخاص المتورطين في غسل الأموال من قبيل: تأسيس الجمعيات الخيرية وتكوين روابط قوية بالوسطين السياسي والإعلامي.
آليات مكافحة غسل الأموال
بيد أن الأجهزة الحكومية تظل قادرة على تعقب هذه الأنشطة واقتياد أصحابها للعدالة ومصادرة الأموال المحرمة التي بحوزتهم، وذلك لتفادي انهيار الدولة ووقوعها في قبضة الشبكات والعصابات الإجرامية:
1 التعاون الدولي
من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية في الخارج يمكن لأي دولة الحصول على معلومات حول غسل الأموال وخصوصا في المراحل التي تسبق الدمج.
2 المراقبة الداخلية
باستطاعة الأجهزة الأمنية رصد الأنشطة المالية غير القانونية وتحليل سلوكيات أصحابها وتتبع مسار أموالهم وعلاقاتهم.
3 تطوير القوانين المالية
ويعد العامل الأخير من أنجح وسائل مكافحة جرائم غسل الأموال. ذلك أن الخناق يضيق على المجرمين في الدول التي تعتمد إجراءات تجعلها تراقب تحويل الأموال للخارج. وكذلك إيداعها للحسابات في البنوك المحلية، وحتى في عمليات البيع والشراء.
ففي الدول المتقدمة في مكافحة غسيل الأموال توجد سقوف قانونية للمبالغ التي يمكن إيداعها في البنوك دون إرفاقها بوثائق تؤكد مشروعية مصدرها.
كذلك، تفرض هذه الدول سقوفا على التعاملات النقدية المباشرة، لأنها آلية لتبييض الأموال. ذلك أن تسديد ثمن سيارة فخمة أو أرض غالية عبر دفع النقود مباشرة قد يمكن أحد الطرفين من دمج مال غير مشروع في حركة السوق.