
د.حبيب الله مايابى
بالتزامن مع الذكرى الأولى لمعركة طوفان الأقصى 2023 وما مثلته من تجسيد لبسالة المقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال الإسرائيلي، من المهم جدا استحضار أهمية الجبهة السياسية والدبلوماسية الصامدة على مدى عام كامل بقيادة دولة قطر.
وفي الوقت الذي تحظر فيه دول عربية دخول أعضاء حركة حماس لأراضيها، تفتح دولة قطر أبوابها لهم ولغيرهم من رموز القضية الفلسطينية.
لقد كان رد الفعل القطري على معركة طوفان الأقصى، ينطلق من الانحياز لفلسطين، حيث حملت الخارجية القطرية الاحتلال الإسرائيلي وحده مسؤولية الأحداث بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني.
وفي 26 نوفمبر 2023، كانت وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر أول مسؤول عربي كبير يزور قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
وكانت الزيارة بهدف الإشراف على عملية إدخال وتوزيع حزمة مساعدات قطرية للشعب الفلسطيني.
ويومها خاطبت الخاطر سكان غزة: “أقول لكم: إننا وكل أحرار العالم معكم.. والحق والإنسانية معكم.. والله جلّ في علاه معكم”.
وأضافت “وأيم الله يا أهل غزة لقد أحييتم الموات، وأيقظتم إنسانية العالم بعد سبات. قبلكم كانت كل الكلمات جوفاء، وكل الحكايا مكررة، وكل معاركنا اليومية تافهة، وكل الخطابات والبيانات لا معنى لها (…) ثم جاءت غزة لتعيد ترتيب أولويات هذا العالم، ولا أبالغ إذا قلت: إنكم اليوم تعيدون لنا جميعا إنسانيتنا التي سلبت منا أو ربما نسيناها”.
ضغوط قوية
ورغم ما يبذله الاحتلال الإسرائيلي من الضغط لملاحقة حماس، فإن دولة قطر هي الدولة الوحيدة التي تستضيف قادة الحركة وتوفر لهم الحماية مع إعطائهم المساحة الكافية للتحرك والتنسيق.
وفي أبريل/نيسان الماضي تقدم السيناتور تيد باد بمشروع قرار إلى الكونغرس الأمريكي يطالب بإنهاء وضع قطر كحليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي.
وبرر السيناتور الأمريكي طلبه بكون الدوحة مستمرة في استضافة قادة حماس رغم التحذيرات التي وجهت لها من طرف الكونغرس.
وطالب المسؤول الأمريكي دولة قطر بطرد قادة حماس فورا أو تسليمهم، محملا إياهم المسؤولية عن عرقلة المفاوضات.
ولم يكن باد السياسي الأميركي الوحيد الذي ينقم على قطر وقوفها بجانب غزة، فقد قال النائب الديمقراطي ستيني هوير إن الولايات المتحدة ينبغي أن تراجع علاقاتها مع قطر لأنها لا تضغط على حماس بشأن التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى.
تنسجم تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين مع مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اتهم دولة قطر بعرقلة المفاوضات، وقال إنها تقف بجانب حماس.
دعم ثابت
لكن قطر التي تستضيف الجناح السياسي لحركة حماس منذ 2012، قاومت هذه الضغوط وحرصت على توظيف علاقاتها في إيصال صوت غزة ومطالبها المشروعة لمراكز القرار الدولي، وخصوصا الدول الغربية المتخندقة إلى جانب إسرائيل منذ عقود.
وبشكل يومي، تجري القيادة القطرية على أعلى المستويات اتصالات ومباحثات مع مختلف دول العالم بشأن غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام.
وتعتبر الدوحة العاصمة العربية والإسلامية التي يتواجد بها قادة حماس بشكل دائم، إذ كان يقيم بها الشهيد إسماعيل هنية وتم نقله من طهران التي اغتيل فيها للدفن في الدوحة، حيث أقيمت له أيام عزاء حظيت بزخم شعبي ورسمي ودبلوماسي.
وكانت جهود قطر إلى جانب مصر والولايات المتحدة نجحت في وقف إطلاق النار بشكل مؤقت في غزة وإتمام صفقة تبادل أسرى جزئية في نوفمبر 2023.
وفي بيان أصدرته في أبريل الماضي, قالت سفارة دولة قطر في واشنطن إن الحكومة القطرية نجحت في تسوية عدد من الصراعات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن دورها ينحصر في الوساطة، نافية أن تكون لها سيطرة على حركة حماس، وذلك في إشارة إلى أنها لا تستغل استضافة قادة الحركة من أجل الضغط عليهم والتدخل في رؤيتهم لمستقبل الصراع.
وفي أكثر من مرة، أصدرت حركة حماس بيانات شكر وتقدير لدولة قطر على الجهود التي تقوم بها في دعم قطاع غزة ولعموم الشعب الفلسطيني.
وإلى جانب قيادة الجبهة الدبلوماسية، تنخرط خطر بشكل مباشر في العمل الإنساني في غزة، حيث تواصل تمويل المشاريع وتوظف علاقاتها في الضغط على الاحتلال للسماح بدخول المساعدات .
وقبل أيام، قدمت قطر مبلغا إضافيا قدره 100 مليون دولار أميركي، في إطار استجابتها للأزمة الإنسانية بالقطاع.